للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسبب الاختلاف حول الموضوعات التي يجب دراستها في هذا العلم وكيف تدرس، انقسم علماء النفس إلى أربع مدارس أو مذاهب هي: "المدرسة البنيوية، والسلوكية، والجشطالتية، ومدرسة التحليل النفسي" (١).

وهناك تطورات لحقت هذا العلم وإن كان أغلب المعاصرين يميلون إلى طريقة الانتقائية من بين ما سبقهم من مدارس ومناهج، وتبقى مدرستا: التحليل النفسي والمدرسة السلوكية الأشهر في مجال علم النفس والأكثر تأثيرًا في ميادين الفكر. ومن بين المشاكل المشتركة بين أغلب مدارس علم النفس المعاصرة إنكارها لحقيقة الروح المُقرّة في الدين، وتعد آراء ونظريات كل من "بافلوف" و"فرويد" أكثر ما اختُلف حوله في الفكر المعاصر.

وكما أن أبرز مؤسسي علم الاجتماع الحديث يجعلون الدين ظاهرة اجتماعية، فكذا مع نظرية "فرويد" سيكون الدين عبارة عن ظاهرة نفسية أنتجها الإنسان من خلال عمليات لا شعورية يأتي ذكر نموذجها وأثرها في الفكر التغريبي في مبحث مستقل بإذن الله "الباب الثالث الفصل الثاني".

ومهما تكن المسائل التي قدمها علم الاجتماع غريبة، إلا أنها تعد مألوفة في الفكر والفلسفة، بخلاف ما قدم في علم النفس مع "فرويد" ومدرسته فهي غير مألوفة، وأحدثت آثارًا في مسيرة العلم يجعلها البعض شبيهة بالأحداث التي صاحبت النظرية الكوبرنيكية أو النيوتنية أو الدارونية، و"فرويد" نفسه يجعل نظريته إحدى ثلاث صدمات أصابت الفكر الإنساني وولدت عنده الشعور بالنقص والقصور والخيبة وحطمت كبرياءه وغروره (٢).

ويعترف كثير من مؤرخي الفكر الغربي المعاصر ودارسيه بالأثر الكبير والخطير لـ"فرويد" في العلم والفكر والفن والمجتمع، وأهم ما يضاف إليه: نظريته العلمية في علم النفس، ويحتل فيها مفهوم الذهن اللاشعوري موقعًا عظيم الأهمية (٣). ومن آثاره أن أصبح علم النفس بمفاهيمه الجديدة موضة العصر (٤)،


(١) انظر: المرجع السابق ٢٥/ ٣١٧.
(٢) انظر: التحليل النفسي من فرويد إلى لاكان، عدنان حب الله ص ٦.
(٣) انظر: تاريخ الفلسفة الغربية، رسل، ترجمة الشنيطي ص ٢٧٨، ٢٨٠.
(٤) انظر: تشكيل العقل الحديث، برينتون ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>