للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهودي ودفاعه عن اليهود ومحاولاته استثمار أي مدخل لإضعاف خصوم اليهود من الأميين (١)، ويظهر ذلك في جمعياتهم العلمانية، إذ هي تسعى إلى استثمار كل فرصة لإضعاف المجتمعات الأخرى أو محاولة السيطرة عليها، وفي الوقت نفسه تدفع باليهود إلى مقدمة الصفوف، وهو أمر غير مستغرب لطائفة متماسكة نوعًا ما، وترى أن ذلك حقٌ مشروعٌ لها كغيرها من الطوائف.

وقد ساعدهم على ذلك تخلي أوروبا تدريجيًا عن دينها، مما جعل اليهود يستثمرون انصراف طوائف كثيرة من المجتمع الغربي عن النصرانية؛ ليمكنوا لأنفسهم في الغرب، يضاف لذلك أن قدرات اليهود المالية غير مجهولة عبر أثريائهم المرابين والجامعين للمال بكل صوره غير المشروعة، وهو أمر يشترك فيه متدينهم وملحدهم، إذ لا يرون في ذلك بأسًا مع غير اليهود، وهم أيضًا مغرقون في المادية وأخلاق الطامعين بالدنيا لاسيّما وعقيدة اليوم الآخر عندهم ضعيفة (٢).

وقد أثارت هذه المسألة صراعًا عند اليهود، بين المتدينين منهم والعلمانيين، بدأ داخل أوروبا وما زال موجودًا في دولتهم التي أقاموها (٣)، لاسيّما إذا كان العلمانيون هم من أقام دولتهم اليهودية، وأحد رؤساء دولتهم كان ملحدًا "بن غوريون" (٤)، ويظهر أنه لضعف القيمة الحقيقية للمبادئ منذ القدم عند اليهود قد وجد أكثرهم المخرج من ذلك التناقض في التفريق بين الانتماء اليهودي، وهو المهم، والاعتقاد الديني الذي يسلكه اليهودي حتى وإن كان مذهبه الإلحاد، فيقدم الانتماء على الاعتقاد، وهو أمر غير مستغرب في قتلة الأنبياء، وعباد الذهب والمال أن يكونوا قابلين للتشكل بحسب الوضع الاجتماعي الذي هم فيه، ولكن يبقى المهم عندهم أن الجميع يخدم الوجود اليهودي وفي الوقت نفسه يدمر خصوم اليهود.


(١) يطلقون اسم الأميين على غير اليهود كما ذكر الله ذلك عنهم في القرآن، والأمميين كما في كتبهم الحديثة.
(٢) انظر: مبحث دور اليهود في إفساد أوروبا (مذاهب فكرية معاصرة)، محمَّد قطب ص ٧٩ وما بعدها ولاسيّما ص ١٦٦ - ١٧٧.
(٣) من أفضل من وجدته بحث هذه القضية الدكتور رشاد الشامي في كتابه: إشكالية الهوية في إسرائيل، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، برقم (٢٢٤).
(٤) انظر: صراع مع الملاحدة حتى العظم، عبد الرحمن الميداني ص ٢١٨ - ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>