للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعميمه وتحطيم الدين، وهذا ما كشفه أهم تلامذة فرويد ونائبه "كارل يونغ" في كتابه: "ذكرياتي عن فرويد" ومن ذكرياته: "لقد قال لي فرويد: إننا ينبغي أن نحطم كل العقائد الدينية"، وقال لي: "ينبغي أن نجعل من الجنس عقيدة" (١)، ولا شك أن مثل هذا الموقف المعلن قد يشكل عائقًا أمام فرضيتنا إلا إذا كان موقفه الإلحادي يخص كل الأديان، ما عدا دينه وهو ما يميل له بعض الباحثين.

كان يمكن تجاهل أثر يهودية فرويد على نشاطه العلمي، لولا قضايا تجمعت في حياته كونت شواهد للشك في نشاطه العلمي ونظرياته العلمية، وزادت هذه الشواهد في الظهور بعد موته وانتشار مدرسته اليهودية، كلها تؤكد بأن فرويد كان واعيًا بيهوديته وكان يعمل من أجلها الكثير، فأفسد مسيرة العلم.

ورغم ظهور دراسات عن فرويد في الغرب تناقش أثر يهوديته على نشاطه إلا أن ما ينقل إلى العالم الإِسلامي غير ذلك، وما ظهرت الدراسات النقدية باللغة العربية إلا بعد سنين من نشر الفكر الفرويدي، وربما لو تم نقل النوعين -الفكر الفرويدي مع الدراسات النقدية حوله- لخفف من وقوع الكثير تحت الآثار السلبية لنظريته، وربما أحدثت شيئًا من التوازن في التعامل مع الفكر الوافد وأوجدت شيئًا من الفهم الناقد لحركة العلم المعاصرة. لقد ذكر الدكتور طلال عتريسي مجموعة دراسات غربية تناقش مسألة الصلة بين اليهودية ومدرسة التحليل النفسي (٢)، ومع ذلك لم يُتحدث عنها في أثناء نقل مدرسة التحليل النفسي وترجمة فرويد إلى العربية "طويت عمدًا أو جهلًا زمنًا غير يسير وأرغمت قراء العربية على الاطلاع على نهج أحادي الجانب، في ترجمة وتعليم وفهم المؤلفات الفرويدية. وقد تكون علّة هذه الأحادية خشية القلق من تبدل مألوف ظن من اعتاد عليه أنه حقيقة لا تناقش أو يقين لا يرد" (٣)، وما زال هذا الإغفال


(١) مذاهب فكرية معاصرة، محمَّد قطب ص ١١٢.
(٢) انظر مقدمته لكتاب فرويد والتراث الصوفي اليهودي، باكان ص ٧ - ٨.
(٣) المرجع السابق ص ١٣، ومن الكتب التي ظهرت في وقت متأخر (التراث اليهودي الصهيوني والفكر الفرويدي)، د. صبري جرجس، (١٩٧٠ م)، ومقدمة الدكتور عبد المنعم الحفني لكتاب فرويد (موسى والتوحيد ١٩٧٨ م)، ورسالة علمية لنزيه الحسن (الجذور التوراتية للمذهب الفرويدي -دراسة جديدة لمذهب فرويد في أصوله ١٩٨٨ م)، ومن بين الكتب المترجمة التي اعتمد عليها جرجس وغيره (فرويد والتراث الصوفي اليهودي، دافيد باكان، ترجمة وتقديم د. طلال عتريسي، ط ٢، ٢٠٠٢ م)، أما أشهر من وجدته ناقشها =

<<  <  ج: ص:  >  >>