للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتفق الكثير على فشل التجربة مع الاختلاف في الأسباب، فهناك من يرى السبب يرجع إلى نخبة من الفقهاء ورجال المخزن ناهضوا التحديث العلمي، أو أنه تم إغفال المبتعثين ورمي بهم في زاوية الإهمال (١)، أو أن ذلك بسبب الضغط الخارجي وهو أقرب للتصور، وفي ذلك يقول عبد الكريم غلاب: "وكثير من هؤلاء الطلبة تخصصوا في الفنون العسكرية. وكثير منهم عادوا إلى المغرب مهندسين وأطباء وضباطًا عسكريين. ثم واجهتهم بوادر الحماية ونهاية عهد الاستقلال فضاعوا في ثنايا النظام الجديد" (٢). وأما تحفظ بعض العلماء تجاه أوروبا فإن الاتصال قديمًا كان "اتصال الند بنده والنظير بنظيره، وإنه أمسى هذه الأيام مشوبًا بنوع من الخطر الذي يهدد البلاد"، وقد استشعر العلماء هذه الحالة، وقد "كانوا في حيرة، فالجميع كانوا يخافون من الغزو الأجنبي في أي مظهر كان، ويرون بعين الشك كل بادرة من بوادر الأجنبي، فإذا طلب منا مواد خفنا أن يكون فيها عنصر يكسبه قوة علينا! وإذا اقترح الأجنبي إنشاء القطار أو التلغراف شككنا في مقاصده. وهكذا فمن شدّة الغيرة على استقلال البلاد كان بعض العلماء يتمسكون بسياسة إغلاق الباب، في حين كان فيه آخرون يرون أن الحفاظ على الاستقلال يقتضي التفتح على الدنيا" (٣). وهكذا لحقت التجربة المغربية أخواتها في حظها من الفشل كحال مصر وتونس والسلطنة وغيرها، وختمت باحتلال الأجنبي لبلاد المسلمين وتعطيل كل تلك الجهود التحديثية.


(١) انظر: المرجع السابق ص ١١٣.
(٢) قصة المواجهة بين المغرب والغرب، عبد الكريم غلاب ص ١٩٠.
(٣) جامع القرويين. . . . ٣/ ٧٣٣ - ٧٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>