للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلدهم، وبهذا يأتي الخطر من عموم البيئة ومن قادتها. ومن تأمل في حال المتغربين وجد فتنتهم بهذين البابين، فقد وقع لهم من جنسهما أشكال، فيجد فتنتهم بعموم البيئة الغربية التي ينتسبون إليها، حتى إن منهم من أعلن كفره بالشرق وانتماءه للغرب، ويجد فتنتهم بقادتها الفكرية والعلمية.

قال -تعالى-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} [البقرة: ١٧٠]، وقال -تعالى-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} [المائدة: ١٠٤]، وقال -تعالى-: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤)} [الزخرف: ٢٢ - ٢٤]، وقال -تعالى-: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]، وقال -تعالى-: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: ٧] "والزيغ هو الميل عن الحق اتباعًا للهوى" (١). ومن عادة العلماء ذكر هذه الأدلة في النهي عن كل تقليد مذموم، فالعبرة بعموم الدلالة (٢).

رابعًا: الفرقة والافتراق:

قال د. ناصر العقل: "الافتراق في الشرع يُطلَق على أمور:

١ - التفرق في الدين، والاختلاف فيه. . . .،

٢ - الافتراق عن جماعة المسلمين. . . . فمن خالف سبيلهم في أمر يقتضي الخروج عن أصولهم في الاعتقاد، أو الشذوذ عنهم في المناهج، أو الخروج على أئمتهم، أو استحلال السيف فيهم، فهو مفارق" (٣)، ومن كان بهذه الحال فهو موطن تحذير الشرع، وهو من أسباب الانحراف، وقد اتصف أهل التغريب بهذه الحال.


(١) الاعتصام ص ٤٣١.
(٢) انظر كلام الشاطبي عن هذا السبب: الاعتصام ص ٤٠٢ - ٤٠٣، وانظر: وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق، جمال أحمد ص ٢١٩ - ٢٢٩.
(٣) مقدمات في الأهواء. . . .، د. ناصر العقل ص ١٨ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>