التعليمية والتعليم، والمنظومة العلمية فضلًا عن المجال الثقافي عمومًا.
فانحرفت هذه التيارات الجديدة بحركة العلم والتعليم، وفتحت الباب لوجود بيئة علمية تُوظَف ضد دين الأمة وهويتها، وفي المقابل تُستنبت قيمُ حضارةٍ أخرى في هذا المجال وغيره، وبحسب الميول الغالبة للحزب يكون التوجه إما نحو الشرق الغربي الماركسي أو الغرب الليبرالي.
امتلكت هذه الأحزاب: المؤسسة العلمية والصحافة والإعلام ومنابر الفكر والثقافة ومؤسسات الفنون والآداب، وكل مؤسسات التأثير في الناس وحولتها بما يتوافق مع رؤاها. ونظرًا لأن البحث سيركز في أثر التيار التغريبي فلن أتحدث هنا عن أثره في الانحراف بالعلم الحديث ومناهجه ونظرياته؛ لأن الفصول القادمة بمباحثها كلها تتحدث عن هذا الدور، إنما الحديث هنا عن وصول تيار أيديولوجي إلى السلطة، وبما أنه تيار أيديولوجي فهدفه واضح: لابد من تغيير هوية المجتمع عبر كل وسائل التأثير وتحويلها إلى أيديولوجية السلطة؛ أي: أنه تيار له رسالة وليس صاحب سلطة أو رئاسة أو مال -وإن كان فيه كل ذلك- ولكن رسالته كانت أوضح: هدفها تغريب المجتمع.
يختلف الأمر عندما توجد سلطة هدفها السلطة ومكاسبها، لذا لا يتغير الكثير داخل المجتمع وإن تضرر بظلمها واستبدادها ونهبها لخيرات البلد واستغلالها لأمواله، بخلاف تلك التي تهدف مع امتلاك السلطة إلى فرض أيديولوجيتها مثل هذه الأحزاب التغريبية، فإنها تحول سلطتها إلى أداة لفرض أيديولوجيتها على المجتمع. وقد وجدت هذه الأحزاب في الفكر الغربي وآدابه وفنونه أداة مناسبة لتحقيق هذا الهدف، بما يعزز تمكنها من السلطة وبما يخدم تحقيق أيديولوجيتها التي هي في النهاية أيديولوجيا نجح الغرب في استزراعها داخل البيئة الإِسلامية ووظف هؤلاء المتغربين في نشرها.
ونظرًا لوجود هذا الإِسلام العظيم عقبة في وصولهم لأهدافهم، فقد فتحوا الباب لكل ما يجدونه في الغرب ضدّ الدين، واستخدموا كل الأدوات التي عرفها الغرب ضد الدين، ومع الاختلاف بين الحالين والمجالين، إلا أن التغريب قد حاول تبيئة تلك الأدوات، لتكون ضدّ الإِسلام ذاته بعد أن كانت في الغرب ضدّ الكاثوليكية في الأساس. ومن الأدوات التي استخدموها النظريات العلمية المختلفة التي تحقق لهم تشكيك المسلمين في دينهم، بل يُلبِسون كل