للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥)} [البقرة: ٢٥٥]، ومن استشعر هذا الأمر أقام العلم بما يرضي الرب سبحانه، بخلاف من ظن أنه من قدرات العقول وحدها فتجده ينحرف بهذا العلم. ومن استشعر أن كل علم هو من الله، تجده يلجأ إلى ربه دائمًا في طلب العلوم، وحتى الدنيوية منها ما دامت صحيحة ونافعة، والإنسان يؤجر في ذلك بحسب نيته.

٢ - دعوة القرآن إلى استخدام العقل في بابه الصحيح وبيان منزلة العلم:

والآيات وإن قصدت في البدء إلى تحريك العقل نحو مقاصد دينية، إلا أن في ذلك توجيهًا صريحًا لتشغيل العقل وعدم إهمال شأنه، فجاءت آيات تدعو إلى النظر، وإلى التبصر، وإلى التدبر، وإلى التفكر، وإلى الاعتبار، وإلى التفقه، وإلى التذكر، وآيات في ذمّ الذين لا يعقلون وغيرها (١)، وغذاء العقل هو العلم، وقد جاءت آيات وأحاديث في الحث على العلم والتعلم بصور وأشكال مختلفة بالأمر الصريح أو بمدح العلم وأهله، أو بذكر الأجر، أو بذكر التميز، أو بذكر المآل الحسن. . . . وغيرها من الصور التي عُرض بها العلم في الكتاب والسنة (٢)، وهذا باب يصعب سرد نصوصه فهي من الكثرة والتنوع بما يتعذر في مثل هذا المختَصَر ذكرها، ولكن من المهم الاعتبار بدلالتها على منزلة العلم في الإسلام، وعلى أهمية إعمال العقل فيما يقرِّب من الله وفيما ينفع من أمور الدين والدنيا، ومن هنا يُعلم أنه ما وُجد من حث على العلم وإعمال العقل مثل ما وُجد في الإسلام.

٣ - حثّ الإنسان على استخدام الحواس في طلب العلم، وقد سبق هذا في أول التمهيد.

٤ - طلب الحجة والبرهان، والصدق واليقين، والحق والقسط، وهي أمور لا تتحقق إلا بالعلم، فطلبها هو طلب العلم، وطلبها يقتضي العناية بالعلم، قال -تعالى-: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١]، وقال -تعالى-: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: ٦٤]، وقال -تعالى-:


(١) انظر: القرآن والنظر العقلي، فاطمة إسماعيل ص ٦٦ - ٨٠.
(٢) انظر: مفتاح دار السعادة، ابن قيم الجوزية ص ١/ ٤٨ وما بعدها، سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>