للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقلي وتخفيف أغلال الكثلكة عنهم. وهناك من يُلمح فعلًا إلى أن بعضًا من أسباب الدعوة للإصلاح الديني في الغرب عائد إلى اطلاع بعضهم على الإسلام وعظمته ومنزلته وأصوله الجليلة، فقادهم ذلك إلى تصحيح أوضاعهم، ولا يستغرب ذلك (١)، وإن كان الطريف في الأمر بأن التأثر جاءهم من حيث لا يحتسبون؛ حيث سمحت الكنيسة عام (١٣١١ م) بفتح أقسام لتعليم اللغة العربية بغرض محاربة الإسلام ونشر النصرانية، وانتشر ذلك في معظم جامعات أوروبا (٢)، وصحب ذلك ترجمة واسعة للكتب الإسلامية بمصدريها الكتاب والسنة، وهذا الاطلاع عليها أثّر في بعض العقلاء منهم وفيهم من أسلم بسبب ذلك، وقد وجدتها الكاثوليكية ذريعة في اتهام لوثر بأنه يريد إقامة مملكة محمد - صلى الله عليه وسلم - بدل مملكة عيسى عليه الصلاة والسلام، مستشهدين بدخول بعض أنصاره في دين الإسلام، ومع أن لوثر العارف باللغة العربية قد حاول مهاجمة القرآن الكريم (٣) إلا أن بعضًا من أصوله التي دعا إليها تتشابه مع بعض أصول الإسلام (٤).

والمهم الآن هو بيان أثر حركة الإصلاح الديني بشكل أو بآخر في تحريك أوروبا نحو الثورة العلمية، يقول "سترومبرج": "فانطلاقًا من حركة الإصلاح الديني والحركة المضادة للإصلاح الديني، ومن تصادم هاتين الحركتين الدموي والعنيف، اتجهت أوروبا وروما نحو عصر كبلر وجاليليو اللَّذينِ جعلا الكون بأكمله موضوعًا للتساؤل، وإعادة النظر في جميع المفاهيم التي كانت قد تشكلت عنه، حيث إنهما كانا يتجهان بالموكب نحو علوم طبيعية جديدة، بلغت الذروة


(١) انظر: مجلة البيان، عدد ١٢ ص ٨٠ عن مقال د. السيد محمد الشاهد (أثر الإسلام في حركة الإصلاح البروتستانتية)، وانظر له أيضًا: رحلة الفكر الإسلامي من التأثر إلى التأزم ص ٩٩ - ١٠٢، وانظر: مذاهب فكرية معاصرة، محمد قطب ص ٥٦٠ - ٥٦١.
(٢) انظر: المقال السابق، وانظر: تراث الإسلام، شاخت ١/ ٥٠، وقد أحال صاحب المقال على صفحة ٣٩ ولم أجده ووجدت قريبًا منه صفحة ٥٠، وقد أخبرني الدكتور عبد الراضي حفظه الله وهو المتخصص في هذا المجال أن التاريخ الصحيح هو سنة (١٣١١ م) وكنت قد سجلت سنة (١٣٤٥ م) حسب المرجع.
(٣) انظر: رحلة الفكر الإسلامي من التأثر إلى التأزم، سبق ص ١٠٠، وقد أخبرني د. عبد الراضي حفظه الله أن الصحيح عن هذا الرجل عدم معرفته باللغة العربية.
(٤) انظر: مقالة الدكتور السيد محمد الشاهد في مجلة البيان، السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>