للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقامة واحدة (١)، وهذا غلط لما ذكرنا. وروي عن أسامة بن زيد أنه قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالمشعب نزل فبال وتوضأ، ولم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك، فركب، فلما جاء المزدلفة نزل وتوضأ، وأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاهما، ولم يصلّ بينهما شيئًا" (٢)، وظاهره أنه أعيدت الإقامة للعشاء. وأما خبرهم، قلنا: روينا عن ابن عمر أنه جمع بينهما بإقامةٍ لكل صلاة، ولم ينادِ في الأولى، ولم يسبح على أثر واحدةٍ منهما (٣).

فَرْعٌ

المستحبّ أن يصلّيهما بالمزدلفة على ما ذكرنا، وقال في "الإملاء" لو خاف فوت النصف الأول من الأولى قبل أن يوافي المزدلفة نزل وصلى أي موضع كان فإنهما قال ذلك لأنه يفوت وقتها المختار. قال: فإذا وافي المزدلفة صلّى قبل حط رجلهِ فينيخ الجمال ويعقلها لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا فعلوا.

فَرْعٌ آخرُ

لو صلّوا المغرب في الطريق والعشاء الآخرة بالمزدلفة أو جمعوا بينهما في الطريق في وقت المغرب فقد تركوا السنة وأجزأتهم الصلاة، لأن الجمع بينهما إنما جاز لأجل السفر. وبه قال مالك وأحمد [١٣٥/أ] وأبو يوسف. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يجوز أن يصلّي المغرب في وقتها، فإن صلّاها في وقتها أعاد في وقت العشاء، والجمع بينهما واجب لا يجوز تركه لخبر أسامة بن زيد، وهذا غلط لأن كل صلاتين جاز الجمع بينهما جاز فعل كل واحدة منهما في وقتها كالظهر والعصر، وأمّا الخبر فمحمول على الاستحباب لئلا ينقطع سيره.

فَرْعٌ آخرُ

الأفضل أن يجمع مع الإمام، وله أن يجمع بينهما في رحله، وقال أبو حنيفة: لا يجمع إلا مع الإمام، فإن قال قائل: قال الشافعي: جمع مع الإمام، وهذا يدلّ على أن الشرط أن يجمع مع الإمام، قلنا: قصد الشافعي به بيان الأفضل.

فَرْعٌ آخرُ

إذا جمع بينهما، قال الشافعي: ولا يسبّح بينهما، أي: لا يتنفل بالصلاة بين المغرب والعشاء، ولا على إثر واحدة منهما ومعناه إذا فرغ منهما فليس على أثرهما نافلة، وقوله: ولا على إثر واحدة منهما نوع تأكيد في المغرب وابتداء بيان في العشاء الآخرة لأن حكم المغرب في النافلة دخل تحت قوله: ولا يسبح بينهما، وهكذا ورد


(١) أخرجه مسلم (٢٨٨/ ١٢٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٦٩، ١٦٧٢)، ومسلم (٢٨١/ ١٢٨٠).
(٣) أخرجه البخاري (١٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>