للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمة يوم النحر فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى تأتي مكّة فصلّى بهذا الصبح، وكان يومها فأحب أن توافيه (١) ومعقول أنها لو صبرت بمزدلفة حتى يطلع الفجر، ثم قصدت منى ورمت جمرة العقبة، ثم قصدت مكّة لم تدرك صلاة الصبح في المسجد الحرام كما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفنا أن إفاضتها من مزدلفة كانت ليلًا.

وقالت عائشة رضي الله عنها: استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من المزدلفة في النصف الأخير من الليل، وكانت امرأة ثبطة، فأذن لها وليتني كنت استأذنته (٢)، وكان عائشة لا تفيض إلّا مع الإمام.

فَرْعٌ

السنّة تقديم الضعفة من النساء والولدان من مزدلفة إلى منى (٣)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم من ضعفة أهله من المزدلفة إلى منى، وروي عنه، أنه قال: قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات وجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: يا بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس (٤)، وهذا لئلا يصيبهم الحطمة واللطخ: الضرب الخفيف باليد.

فَرْعٌ آخرُ

لو دفع منها قبل نصف الليل، ثم عاد إليها بعد نصف الليل ووقف لحظة أجزأه ولا دم عليه قولًا واحدًا.

مَسْألَةٌ: قالَ (٥): ويأخذ منها الحصى للرمي.

المستحبّ أن يأخذ من مزدلفة بالحصى الذي يرمى به جمرة العقبة يوم النحر وهو سبع حصيات. والمزني أطلق ذلك، وظاهره أنه يأخذ منه جميع الحصى وهو سبعون حصاة [١٣٦/ب]، وقد ذكر ابن أبي أحمد في "المفتاح"، وليس على ما أطلق بل بلفظ سبعًا، والشافعي نصّ عليه وإن ل يأخذ من المزدلفة، وأخذ من غيرها أجزاه وكره ذلك، وهذا لأن المنقول أن يبادر إلى الرمي إذا وصل إلى منى، ولا يعرج على أمر آخر إذا جاء وقت الرمي، وقال قوم: يأخذها من المأزمين. وهذا لا يصحّ لأنه صلى الله عليه وسلم أخذها من المزدلفة، قال: ويلقط الحصى، ولا يكسر لئلا يؤذي الكسر غيره، وقال قوم الاختيار أن يكسرها، وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم: "التقطوا ولا تنهبوا النوام"، وقد ذكر بعض أصحابنا بخراسان أنه يأخذها من موضع بين عرفة والمزدلفة قريب من مزدلفة، فإن هناك جبالًا في أحجارها رخاوة، فيسهل كسرها، فإن أخذ الكل كيلا يحتاج في


(١) أخرجه الشافعي في "المسند" (٣٦٩، ٣٧٠)، وفي "معرفة السنن" (٣٠٤٠).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٨٠، ١٦٨١)، ومسلم (٢٩٣/ ١٢٩٠). والثبطة: الثقيلة.
(٣) أخرجه البخاري (١٦٧٨)، ومسلم (٣٠١/ ١٢٩٣).
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٤، ٢٧٧)، والترمذي (٨٩٣)، وابن ماجه (٣٠٢٥)، والدارقطني (٢/ ٢٧٣)، والطبراني في "الكبير" (١١/ ٣٨٧).
(٥) انظر الأم (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>