للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطواف ركن من أركان الحجّ، لا يتم الحجّ إلا به، ولا ينوب عنه الدم بلا خلاف، لقوله تعالي: (وليطوفوا بالبيت العتيق) [الحج: ٢٩]،وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما طاف رسول الله صلي الله عليه وسلم ذكر صفية بنت حييّ، فقالوا: إنها حاضت، فقال: ((عقري حلقي، أحابستنا هي)فقلنا: إنها قد أفاضت، فقال: ((فلا إذن)) (١)،فدلّ علي إنه لابدّ من هذا الطواف، وأنه حابس لمن لم يأت به. فإذا ثبت هذا. قال الشافعي رضي الله عنه: وقد حلّ من كل شيء إلا النساء وغيرهن وأراد خرج من إحرامه تمام الخروج، ولم يبق عليه من الحجّ إلا ما هو التوابع وهي البيتوتة بمني في ليالي أيام التشريق والرمي في أيامها، وهذا إذا كان قد سعى عقيب طواف القدوم، ورمي جمرة العقبة، وحلق أو لم يحلق. وقلنا: الحلاق ليس بنسك، وهذا الطواف من الأعمال الأربعة التي تفعل يوم النحر، فأن طاف أولًا ثم أتي بالأفعال الثلاثة فلا حرج ولا دم علي ما ذكرنا أن الترتيب غير واجب، فإذا تقرر هذا، فالكلام الآن في بيان وقت استحباب الطواف. وفي بيان وقت الجواز فإما وقت الاستحباب، فيستحبّ فعله يوم النحر، قبل: الزوال لما روي أن النبي صلي الله عليه وسلم لما رمي جمرة العقبة ذبح وحلق ثم أفاض وطاف، ثم رجع لصلة الظهر [١٤٦/ ب] إلي مني، وأما وقت الجواز، فإذا ذهب النصف الأول من ليلة النحر، وليس آخر وقته بموقت، فأي وقت طاف أجزأه ولا دم عليه، لأجل التأخير، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: أول وقته من حين طلوع الفجر الثاني من يوم النحر وآخره اليوم الثاني من أيام التشريق، فإن أخّره إلي اليوم الثالث يلزمه دم، وهذا غلط، لأنه إذا طاف اليوم الثالث، وقد طاف طوافًا صحيحًا، فلا يجب به دم كما لو طاف في اليوم الثاني، ولو رجع إلي موضعه، ولم يطف نظر، فإن كان طاف طواف الوداع أجزأه عن الفرض لأن طواف الوداع، نفل في أحد القولين، ولا يجوز النفل منه وعليه وفي القول الثاني هو فرض، لكن طواف الزيارة آكد لكونه ركنا ويقدّم الأقوى كما يقدّم حجّة الإسلام علي الحجّة المنذورة، وإن لم يكن طاف طواف الوداع لم يحلّ الإحلال الثاني إلا بأن يرجع ويطوف، وإن طال الزمان وخرج الوقت.

فَرْعٌ

لو نوي النفل به يقع عن الفرض. وقال أحمد: لا يقع عن الفرض ويفتقر إلي تعيين النية، وهذا غلط لأنه ركن من أركان الحجّ، فلا يفتقر إلي تعيين النية كالإحرام والوقوف.

فَرْعٌ آخرُ

قال الشافعي رضي الله عنه في ((الإملاء)):, وأحب دخول البيت لما روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: ((من دخل البيت فقد دخله في حسنة ومن خرج منه خرج عن سيئة


(١) أخرجه البخاري (١٧٧٢) , ومسلم (٣٨٢/ ١٢١١) , وأحمد (٦/ ٥٨, ١٢٦, ٢٢٤, ٢٥٣, ٢٦٦) , وابن ماجه (٣٠٧٣) , والبيهقي في (الكبرى) (٩٧٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>