للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج مغفورا له)) (١)، وقالت عائشة رضي الله عنها: خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، فرجع إليّ وهو حزين، فقلت له، فقال: ((أني دخلت الكعبة وودت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون قد أتعبت أمتي من بعدي)) (٢)، قال وأحّب أن يصلي فيه ركعتين لما روي بلال أن [١٤٧/ أ] النبي صلي الله عليه وسلم دخل البيت، فصلي ركعتين في جوف الكعبة.

مَسألَةٌ: قالَ (٣): ثم يرمي أيام مني الثلاثة.

الفَصلُ

إذا فرغ من الطواف عاد إلي مني قبل الظهر للمبيت، ويصلّي الظهر بمني نصّ عليه في ((الإملاء))، لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم هكذا فعل علي ما ذكرنا يبيت بها ثلاث ليال أيام التشريق، ويرمي كل يوم بعد الزوال. واعلم أن الأيام أصناف، العشر الأول من ذي الحجّة معلومات وثلاث بعدها معدودات وهي أيام التشريق، وأيام مني وأيام الذبح وأيام الذكر وأيام الرمي وسمّيت أيام التشريق لإشراقها نهارًا بنور الشمس وليلًا بنور القمر.

وقيل: لأن الناس يشرقون اللحم فيها في الشمس واليوم الثامن من العشر يوم التروية، واليوم التاسع منها يوم عرفة، واليوم العاشر يوم النحر، وهو يوم الحجّ الأكبر وأول أيام التشريق يوم العاشر والثاني منها يوم النفر الأول والثالث منها يوم النفر الثاني، وليلة الرابع عشر ليلة المحصب، وإنما يرمي الجمرات الثلاث في أيام مني في كل يوم إذا زالت الشمس بإحدى وعشرين حصاة في كل جمرة سبع حصيات.

وقال في ((الإملاء)) يرمي عقيب الزوال قبل الزوال، لأن عائشة رضي الله عنها قالت: رمي رسول الله صلي الله عليه وسلم حين زالت الشمس، وجملة ما يرمي من عدد الحصى هي سبعون حصاة سبع يوم النحر في جمرة العقبة وثلاثة وستون في أيام مني يبتدئ بالتي هي إلي مني أقرب ويختم بالتي هي إلي مكّة أقرب، وهي العقبة، قال: فيبدأ بالجمرة الأولي فيعلوها علوًا وكذلك في الثانية ثم يأتي في الثالثة فيرميها في بطن الوادي، وهي جمرة العقبة، ولا يعلوها كما علا الجمرتين قبلها، لأنها علي أكمة لا يمكنه غير ذلك.

وقال مالك: يرمي الجمرات كلها من أسفلها [١٤٧/ ب]، وما قلناه أولي، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم فعله، ثم السلف بعده، وإذا رمي الجمرة الأولي يجعلها علي يساره، ويستقبل القبلة، ويكبّر مع كلّ حصاة، ثم يتجاوزها إلي التي تليها بحيث لا تناله حصى الأولي، فيدعو ويتضرّع إلي الله تعالي بسورة البقرة، ثم يتقدّم إلي الثانية، فيرميها بسبع حصيات، ثم يتجاوزها، فيقف بحيث لا تناله الحصى الثانية يدعو ويتضرّع


(١) أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (١١/ ٢٠١)،وابن خزيمة (٣٠١٣)، والبيهقي في ((الكبري)) (٩٧٢٥)، وفي ((معرفة السنن)) (٣٠٩٠).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ١٣٧)، والترمذي (٨٧٣)، وابن ماجه (٣٠٦٤)، وابن خزيمة (٣٠١٤)، والبيهقي في ((الكبري)) (٩٧٢٩).
(٣) انظر الأم (٢/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>