للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر بقدر سورة البقرة ويوليّ ظهره إلي التي رماها في الوقوف الأول والثاني، ثم يتقدّم إلي الثالثة، فيرميها سبع حصيات ولا يقف عندها. والأصل في ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أفاض رسول الله صلي الله عليه وسلم من مني ثم رجع إلي مني، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع ويكبّر مع كل حصاة، ويقف عند الأولي والثانية، فيطيل القيام ويتضرّع، ويرمي الثالثة، ولا يقف عندهما، ولأن الجمرة الأولي والثانية واسعتان، لا يضيق الوقوف بقربهما للدعاء والذكر، والثالثة ضيقة يستضر الناس بوقوفهم، فيستحبّ له أن لا يقف، وينصرف، وإذا ترك الوقوف للدعاء، فلا إعادة، ولا فدية، فإذا تقرر هذا قال أصحابنا: الواجب الذي لا بدّ منه في جواز الرمي الوقت والعدد وترتيب الجمرات، فأما الوقت فبعد زوال الشمس علي ما ذكرنا، فإن رمي قبل الزوال لم يعتدّ به. وبه قال أحمد. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يجوز في اليوم الثالث أن يرمي قبل الزوال استحباباّ.

وروي الحاكم في المنتقي: أنه يجوز ذلك في اليوم الأول والثاني أيضاّ، والأول أشهر، [١٤٨/ أ] وعلته أنه إذا طلع الفجر في اليوم الثالث لم يجز له أن ينفر، فدلّ علي أن وقت الرمي هذا، وهذا غلط، لأنه رمي في يوم من أيام التشريق، فكان بعد الزوال كاليوم الأول. وأما وجوب الإقامة بمني لا يكون بطلوع الفجر، بل بغروب الشمس اليوم الثاني، لأن وقت التعجيل فات به.

وقال طاووس وعكرمة: يجوز أن يرمي قبل الزوال في كلها كما في يوم النحر، وهذا غلط لما روي جابر، قال: رمي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ما ذكرنا. وأما الترتيب، فمستحقّ أيضًا هذا بالجمرة الأولي ثم بالثانية، ثم بالثالثة، فإن ترك الترتيب فبدأ بجمرة العقبة ثم بالوسطي، ثم بالأولي اعتدّ بالأولي، ثم يعتد بالوسطي، ثم يعيد جمرة العقبة حتى يأتي بها علي الترتيب، وكذلك إن رمي حصاة من الأولي، ورمي الثانية والثالثة لم يعتد بذلك حتى يكمل الأولي ثم يرمي الثانية والثالثة لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم رمي علي هذا الترتيب، وقال: ((خدوا عني مناسككم) وقال عطاء والحسن: ترتيب الجمرات ليس بواجب وبأيتها بدأ أجزأ.

وبه قال أبو حنيفة، ولكنه قال: إذا نسك يلزمه أن يعيد، فإن لم يعد فلا شيء عليه، وأما العدد، فشرط أيضًا، فإن رمي أقل من سبع حصيات في كل جمرة لم يصحّ ما بعدها من الرمي حتى يعود فيكمل.

فَرْعٌ

لو رمي جمرة بستّ حصيات، ولم يدرِ أي جمرة رماها بست رمي الجمرة الأولي بواحدة حتى يصير علي يقين من إكمال رميها، ثم يعيد الرمي فيما بعد من الجمرتين، لأنه يجوز أن تكون المتروكة من الجمرة الأولي، فلا تحتسب بما بعدها قبل إكمالها، فكان الاحتياط بما ذكرنا.

فَرْعٌ آخرُ

لو ترك ثلاث حصيات من [١٤٨/ ب] جملة الأيام، ولا يدري كيف تركها يأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>