للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه أحد، فشرب ثم أفرغ باقي الدلو في البئر، وقال بعض أصحابنا: يستحب أن يفعل مثل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتقي شمسه ماء زمزم ويشرب منه، ثم يفرغ باقيةُ في البئر، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر: منذ كم أنت ههنا؟ فقال: منذ ثلاثين يومًا وليلةً، قال: فما كان طعامك؟ فقال: ما كان لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم، ولقد سمنت حتى تكسرت علي بطني، فقال: إنها مباركة، وهي طعام طعم وشفاء سقم، أورده مسلم في صحيحه - وقال علي رضي الله عنه: خير بئر الأرض بئر زمزم وشر بئر في الأرض برهوت بئر بحضرموت، يقال: إن فيها أرواح الكافرين.

مسالة (١): قال: وليس على الحائض وداع.

لا يلزم الخائض طواف الوداع، ولها أن تنفر بلا وداع ولا دم عليها قولًا واحدًا لما روي في خبر ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إلا أنه رخص للمرأةً الحائض وذكر في "المختصر" أنه رخص لها أن تنفر بلا وداع وأراد به ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خبر صفية حين حاضت، وقيل: إنها قد أفاضت بلا إذن "فلتنفر بلا وداع". وروي أن ابن عباس كان يفتي بذلك، فأنكره زيد بن ثابت، فقال له ابن عباس: سل فلانة الأنصاريةَ هل أمرها بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وهي أم مليم بنت ملحان كانت حاضت بعدما أفاضت يوم النحر، فأذن لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت، فرجع، فضحك وقال: ما أراك إلا قد صدقت، ولأنها كيف تطوف في المسجد والحيض يمنع دخول المسجد.

فرع

لو طهرت في سوق مكة كان عليها الوداع وإن خرجت من [١٦٣/ب] بيوت مكة كلها، ثم طهرت لم يكن عليها الوداع، ولا يلزمها أن تعود فإن قيل: هلا قلتم تعود ما لم تبلغ مسافةَ القصر كما قلتم فيمن ترك طواف الوداع، وخرج؟ قلنا: الفرق بينهما أن من ترك طواف الوداع فقد ترك واجبًا عليه، فلا يسقط بمفارقته البنيان حتى يشق عليه الانصراف بالبعد عنها سفرًا تامًا. وههنا يجب عليها الطواف، فلا يجب العود إذا فارقت البيان كإتمام الصلاةً لا تجب على المسافر إذا فارق البنيان.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: نص ههنا أنها لا ترجع بعد مفارقةَ البنيان، ونص في غيرها أنها ترجع، فمن أصحابنا من قال فيهما قولان: أحدهما: لا يرجعان، ولكن لا شيء على الحائض، ويلزم غيرها الدم، ولا ينفعه الرجوع، وهذا لا يصح عندي، والفرق ظاهر على ما ذكرنا.

فرع

لو طهرت في البيوت ولم تجد ماء تغتسل به كان عليها الوداع كما يكون عليها الصلاة فتتيمم وتطوف.


(١) انظر الأم (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>