للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأهلي، وإذا قلنا: الألبان صنف واحد، وهو قول مالك وأحمد فكل لبن يشرب من أي حيوان كان فكله صنف واحد فإذا تقرر هذا فبيع اللبن باللبن جائز في الجملة على ما ذكرنا، فإن قيل: أليس لا يجوز بيع الرطب بالرطب عندكم فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن معظم منفعته في غير هذه الحالة وهي عند كونها تمراً وهاهنا معظم منفعته في هذه الحالة، لأنه يصلح لجميع ما يتخذ من اللبن فإذا صرف إلى جهة مخصوصة لا يمكن ذلك فجرت هذه الحالة مجرى حالة الادخار في التمر، أو نقول: الرطوبة هناك ليست من مصلحته ولا حافظة لمنفعته بخلاف الرطوبة في اللبن، أو نقول: الرطب يصير على هيئة الادخار بنفسه، لأنه لو ترك في نحله تساقط هو بنفسه بعدما يصير [١٦/ب] تمراً فقبل ذلك لا يجوز بيع بعضه ببعض، لأنه قبل حالة الادخار بخلاف اللبن.

فإذا تقرر هذا فبيع اللبن الحليب يجوز لأنه لبن خالص. وكذلك يجوز بيع الرائب بالرائب وهو اللبن الذي حصل فيه قليل حموضة لأنه لبن خالص. وكذلك يجوز بيع اللبن الحليب بالرائب، وإن كان فيهما أو في أحدهما ما لا يجوز وإن مسه نار فإن كان للتسخين يجوز وإن غلياً أو أحدهما لا يجوز. ولا يجوز بيع اللبن بشيء مما يتخذ من اللبن لا متماثلاً ولا متغافلاً، وقيل: الذي يتخذ من اللبن سبعة أشياء الزبد والسمن والمخيض واللبن والأقط والمصل والجبن، وزاد بعض أصحابنا الشيراز والرخبين والكشك والبطيخ والكواميخ، وأما الزبد باللبن لا يجوز قال الشافعي: لأن الزبد شيء من اللبن يريد بذلك أصله ولا يجوز بيع ما استخرج من شيء بأصله، كما لا يجوز بيع الشيرج بالسمسم.

وقال أبو إسحاق: العلة فيه أن الزبد شيئاً من اللبن فيكون بيع لبن معه شيء آخر بلبن وذلك لا يجوز. [١٧/أ] كما لا يجوز بيع درهم ومد عجوة بمدي عجوة. فإن قيل: فيجب أن لا يجوز بيع لبن بلبن لأنه لبن وزبد بلبن وزبد قيل: إنما يتعلق به حكم الربا إذا تميز فأما قبل التميز فلا حكم له كالسمسم بالسمسم يجوز وإن كان في كل واحد منهما شيرج وسمسم، وإن كان بيع الشيرج بالسمسم لا يجوز. وأما بيع السمن باللبن لا يجوز لعلة الشافعي وهي: أن السمن شيء من اللبن، وعلة أبي إسحاق تقف هاهنا لأنه لا يجوز هذا وإن لم يكن في السمن شيء من اللبن فدل على بطلان علته، وأما بيع المخيض باللبن وهو اللبن الذي استخرج منه الزبد ويسمى الدوغ لا يجوز لأن في اللبن مخيضاً ولأنه مستخرج منه.

وقال: قال الشافعي في "الأم": ولا خير في بيع الحليب بالمضروب لأن في المضروب ماء فإن كان يطرح فيه ماء فهذا معنى آخر يمنع البيع والمضروب هو المخيض، وأما اللبن باللبن لا يجوز لأن أصله الكيل واللبن المعمول للأكل لا يكال ولأن النار قد عقدت أجزاءه فيؤدي إلى التفاضل. وأما الأقط والمصل والجبن وسائر ما ذكرنا [١٧/ب] لا يجوز باللبن لمعاني: أحدها أن أصله الكيل فلا يباع وزناً ولأن النار قد اختلف عملها في أجزائه فيؤدي إلى التفاضل، ولأنه قد خالطه غيره فإن المصل قد خالطه ملح وكذلك الأقط والجبن خالطه ملح وأنفحة وكذلك الرخبين والكشك والكامخ وأما ما يتخذ منه إذا باع بعضه ببعض، فإن باع الزبد بالزبد لا يجوز لأن المقصود منه السمن الذي فيه وذلك مجهول التماثل لقلة اللبن في أحدهما وكثرته

<<  <  ج: ص:  >  >>