للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الآخر نص عليه الشافعي فيما نقله القاضي أبو حامد ومن أصحابنا من قال فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز لما ذكرنا. والثاني: يجوز لأن اللبن في الزبد يسير غير مقصود، فهو كالنوى في التمر وصار كبيع السمن بالسمن يجوز، قال صاحب "الحاوي": وهو الأصح عندي. وأما السمن بالسمن قال الشافعي: يجوز معه وزناً أحوط وهذا لأنه لا يخالطه غيره ولو كان جامداً.

قال في "الحاوي": فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز لأن أصله الكيل ولا يمكن. والثاني: يجوز لأن الكيل فيه متعدد والوزن أحصر وهذا خلاف ما ذكرنا [١٨/أ] في النص. وأما اللبن باللبن والأقط بالأقط والجبن بالجبن لا يجوز لأن أصله الكيل ولا يمكن فيه ولأن النار قد اختلف عملها فيه.

قال القاضي الطبري: الجبن بالجبن لا يجوز لأن فيهما أنفحة فيؤدي إلى التفاضل ولا يجوز بيع الجبن بالمصل أيضاً لهذا ولكن بيع المصل بالمصل إنما لا يجوز لأنه لا يمكن كيلهما فإن دقا جميعاً حتى أمكن الكيل يجب أن يجوز بيع بعضه ببعض وبيعه باللبن أيضاً وهذا عندي إذا لم يخالطه ملح فإن خالطه ملح فلا يجوز على ما ذكرنا بلا خلاف.

وقال في "الحاوي": إن كان الجبن طرياً لا يجوز وإن كان يابساً فيه قولان: أحدهما: يجوز رواه حرملة وهذا إذا تناهى بنفسه فيباع بالوزن لصحة المماثلة فيه وإنه غاية اللبن التي ينتهي إليها وهو اختيار أبي إسحاق. والثاني: رواه الربيع وهو الأصح لا يجوز واختلفوا في العلة فقال ابن سريج: العلة أن أصله الكيل وقد تعذر وقال غيره: لأن فيه أنفحة يعمل بها فيمنع التماثل فيه فعلى هذا لو دق الجبن حتى صار ناعماً يجوز على قول ابن سريج وعلى قول غيره لا يجوز. وأما بيع نوع بنوع آخر إما الزبد بالسمن [١٨/ب] لا يجوز، لأنه بيع بثمن ولبن بسمن، وأما بيع السمن بالمخيض يجوز لأنه ليس في السمن مخيض ولا في المخيض سمن.

وأما بيع الزبد بالمخيض قال الشافعي: يجوز لأنه قال: فإذا اخرج منه الزبد وصار مخيضاً يجوز بيعه بزبد وسمن. وقال أبو إسحاق: لا يجوز ذلك على مقتضى تعليله وهو أن في الزبد شيئاً من اللبن، ونص الشافعي على جوازه فدل على فساد تعليل أبي إسحاق. قال أبو حامد: أجاب الشافعي بهذا ظناً منه أنه لا لبن في الزبد وليس كما ظن فإن الزبد لا ينفك من اللبن فلا يجوز وهذا قياس المذهب. وأجاب أصحابنا بأن الشافعي إنما قال: إذا لم يكن فيه اللبن ظاهراً. وذلك القدر يسير لا يتبين إلا بالنار والتصفية فلا حكم له، وقال القفال: المذهب ما نص عليه لأن المقصود من الزبد السمن والمخيض ليس من جنس السمن إذا كان منزوع الزبد فهما جنسان مختلفان وهكذا ذكر القاضي الطبري فيجوز متفاضلأً وعلى هذا يجوز بيع الدهن بالكسبة، لأنهما جنسان كالسمن بالمخيض وأكثر ما في هذا الباب أن اللبن الذي فيه يأخذ جزء من

<<  <  ج: ص:  >  >>