للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي التجارة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا حتى يميز بينهما" فرده حتى ميز بينهما هكذا في "سنن أبي داود". وذكر أبو عيسى الترمذي عن فضالة بن عبيد أنه قال: اشتريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر ديناراً ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تباح حتى تفصل" قلت: لعلهما خبران وهو الظاهر. وقال أبو حنيفة في هذه الصورة: [٣٦/ب] فإن كان الذهب الذي هو الثمن أكثر مما فيه من الذهب جاز، وإن كان أقل منه أو مثله لم يجز. وذهب مالك إلى نحو هذا إلا أنه يحد الكثرة بالثلثين والقلة بالثلث. وقال أحمد: يجوز وإن كان الثمن أقل. وهذا قول ظاهر الفساد لما فيه من صريح الربا، ولا يصح ما قال أبو حنيفة: إنا إذا كان الذهب الخارج أكثر يكون الذهب بالذهب سواء والزيادة بإزاء الحجارة، لأنه قال في الخبر: إنما أردت الحجارة ومع ذلك منع وقال: لا حتى يميز بينهما.

مسالة: قال: "ولا باس أن يشتري الدراهم من الصراف ويبيعها منه إذا قبضها".

الفصل

إذا كان معه عشرون درهماً صحاحاً فأراد بها ثلاثين درهماً مكسرة فالوجه أن يشتري بها من الصراف ديناراً أو يتقابضا ثم يبيع الدينار منه بثلاثين مكسرة ولو جعل هذا عادته وتجارته جاز، وقال مالك: إنما يجوز ذلك مرة واحدة ولا يجوز أن يجعله عادة لأنه يضارع الربا، وهذا غلط لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[٣٧/ أ] استعمل على خيبر سواد بن غزية فجاءه بتمر حبيب فقال له: أكل تمر خيبر هكذا قال: لا، ولكنا بعنا صاعين من جمع بصاع من هذا وأراد بالجمع الدقل وهو جنس رديء فقال: أوه هذا عين الربا لا تفعلوا هكذا ولكن بيعوا الجمع بالدراهم واشتروا بالدراهم الحبيب والحبيب: الوسط من التمر هكذا قال الأصمعي في تفسير الجمع والحبيب وقيل: الجمع التمر الذي يجمع أنواع التمر، والحبيب الطيب، ويقال: إن أبا حنيفة افتتح كتاب "الحيل" بهذا الخبر. وإذا تقرر هذا لو قصد بهذا العقد أن يأخذ أكثر مما أعطى أو أقل مما أعطى جاز، ولا اعتبار بالقصد إلى الربا إذا لم يباشر ولكنه يكره ثم فيه ثلاث مسائل، إحداها: أن يتقابضا ويتفرقا أو يتخايرا ثم تعاقدا بعد ذلك فيصح قولاً واحداً، الثانية: أن يتخايرا قبل أن يتقابضا بطل الصرف لأنه كالتفرق وقد ذكرنا ما قيل فيه، والثالثة: أن يتبايعا ثم يتقابضا ثم يتبايعا ثانياً قبل التفرق والتخاير. فظاهر المذهب أن العقد

<<  <  ج: ص:  >  >>