للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائز لأن الشافعي قال ولا بأس [٣٧/ب] أن يشتري الدراهم من الصراف ثم يبيعها منه فأطلق. وبه قال ابن سريج، لأنه إن كان الخيار قائمًا فإن شروعهما في العقد الثاني يقطع خيارهما معًا ألا ترى أنهما لو شرعًا فيه فلم يكملاه لزم العقد الأول وانقطع الخيار كالتخاير بعد القبض شرعًا.

فإن قيل: أليس لو باع أحديهما ما قبضه من رجٍل آخر قبل التفرق والتخاير لم يجز؟ قلنا: الفرق أنه إذا باعه من غير بائعه فقد تصرف فيما لغيره فيه خيار ثابت ويملك رفعه عنه وهاهنا هما تعاقدا معًا ثانيًا فكأن شروعهما فيه رضًا بإمضاء الأول واستئنافًا للثاني وصح ذلك وعلى هذا لو اشترى شيئًا على أنهما بالخيار وقبضه ثم باعه من غير البائع لم يجز، وإن باعه من البائع جاز ويكون ذلك قطعًا للخيار. وقال القفال في كتاب التهذيب: لا ينعقد هذا البيع إلا على القول الذي يقول: (الخيار لا يمنع انتقال الملك)، لا يصح؛ لأنه لو باع غير ملكه إلا أن ذلك يكون قطعًا للخيار فيستأنفان العقد وعلى هذا قال: إذا اشترى جارية [٣٨/ أ] فزوجها من البائع قبل التفرق فإن قلنا: يملك المشتري بالعقد جاز، وإن قلنا لا يملك لا يجوز وسقط خياره وعلى القول الأول وهو الأصح يجوز.

وقال في (الحاوي): الأصح أنه لا يجوز البيع الثاني أصلًا لأن العقد الأول لم يستقر لا بالافتراق ولا بالتخابر والفرق بين التخابر والبيع أنهما إذا اختارا الإمضاء فقد رضي كل واحٍد منهما بإقرار مُلك صاحبه على ما انتقل إليه فاستقر به المُلك. وإذا اتفقا على البيع الثاني فكل واحد منهما لم يرض باستقرار ملك صاحبه على ما انتقل إليه فلم يستقر بذلك المُلك فصار حكم التخاير والبيع مختلفًا فلم يجز أن يكون في لزوم العقد متفقًا ولو جعلا مكان الدنانير ثوبًا أو شيئًا آخر حتى لا يحتاج إلى التقابض في المجلس بل يكفي قبض الثوب في المجلس أو بعد المجلس ليصح بذلك القبض البيع الثاني فالأمر أوسع.

فرع

لو كان معه عشرة دراهم صحاح ومع آخر أحد عشر درهمًا مكسرًة فلا يجوز بيع العشرة بالأحد عشر، والحيلة في ذلك أن يقرض كل واحٍد منهما صاحبه الذي معه ثم يبرئه عما حصل [٣٨/ ب] له عليه أو يستبرئ منه الصحاح بعشرة مكسرة ثم يهب له ذلك الدراهم الباقي أو يهب كل واحٍد ما في يده لصاحبه من غير شرط ويكره أن يدخلا في البيع على ذلك.

فرع آخر

لو كان معه عشرة دراهم وليس معه سواها ومع آخر دينار قيمته عشرون درهمًا فأراد أن يعقدا فيهما صرفًا ويتفرقا بعد القبض من غير غبن، قال أبو إسحاق: يصح هذا من وجه واحٍد وهو أن يشتري صاحب العشرة نصف الدينار مشاعًا بالعشرة ثم يقبضه العشرة ويقبض الدينار منه نصفه وديعة ونصفه مبيعًا، ثم يستقرض منه العشرة فيشتري

<<  <  ج: ص:  >  >>