للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها النصف الباقي من الدينار ويقبضها منه ويملك هذه العشرة التي اقترضها بالتصرف فيها وهو يشتري ما بقي من الدينار بها. ومن أصحابنا من قال: يصح من وجه آخر أيضًا، وهو أن يشتري منه الدينار كله بعشرين في الذمة ويقبضه منه ثم يدفع إليه العشرة من ثمنه فتبرأ ذمته من نصف ثمن الدينار ثم يستقرضها من البائع فإذا قبضها فرضًا قضى بها ما بقي من ثمن الدينار فيصير [٣٨ ب/ ٦] الدينار كله له وقد أقبض جميع ثمنه وبقي عليه لبائع الدينار عشرة دراهم قرضًا، وقال أبو إسحاق: هذا لا يصح لأن البائع تصرف فيما قبضه من الثمن في مدة الخيار وفيه رد القرض قبل التصرف فيه ولا يملك القرض بالقبض حتى يقع التصرف فيه بعد القبض والصحيح هذا الوجه الثاني، لأن هذا التصرف وإن كان في مدة الخيار فهو من المتعاقدين فكان شروعهما فيه قطعًا للخيار كما قلنا في المسألة المتقدمة. وقوله: إن فيه رد القرض قبل التصرف فيكون فسخًا للقرض ليس كذلك لأنه يقضي به ما بقي في ذمته من ثمن الدينار ولا فرق بين أن يشتري مما اقترضه ما بقي من ثمنه وهذا اختيار القاضي الطبري، وعلى هذا لو باع درهمًا في الذمة بدرهم في الذمة ثم سلم أحدهما ثم اقترض الآخر وردها عليه هل يجوز؟ فيه وجهان مبنيان على أن القرض متى يملك؟ وعند أبي إسحاق: يبطل هذا الصرف هاهنا لأنه قبض قبل أن يستقر ملكه عليها لأنه لا يملكها إلا بالتصرف.

فرع آخر

لو كان له قبل رجٍل مائة مثقال ذهبًا [٣٩/ب] فأعطاه مائة ديناٍر عددًا فكان وزنها مائة دينار ودينار، كانت المائة بالمائة التي عليه وبقي في يد القابض المائة والدينار دينار مشاع مضمون، لأنه قبضه على أنه عوض فكان مضمونًا وللذي أقبضه ذلك أن يهبه أو يأخذ به سلعة منه أو فضة، فإن أخذ سلعة جاز التفرق قبل القبض لأنه صرف، وإن اختار أن يقره في يده سلما في موصوف اتفقا عليه جاز.

فرع آخر

لو اشترى دينارًا بعشرين درهمًا في ذمته وكان معه من ثمنه سبعة عشر درهمًا فقبضها بائع الدينار وبقي من الثمن درهم لم يجز الفرق قبل قبضه، فالوجه فسخ العقد ويشتري من الدينار بقدر ما معه من الدراهم وهو تسعة عشر سهمًا من الدينار فإذا قبضه المشتري قبض هذه عن بيع وسلم الباقي أمانة في يده، ويفارق المسألة الأولى حيث يقبض هناك الدينار الفاضل مضمونًا وذلك أنه قبضه على أنه بدل في معاوضة وهاهنا قبضه أمانة لا على سبيل البدل فإذا ثبت هذا فللبائع أن [٤٠/أ] يصنع به ما شاء كأنه وديعة مفردة، إن أحب أن يهبه من المشتري فعل، وإن أحب أن يأخذ منه عوضًا فعل كما قلنا في ذلك الدينار الفاضل. وقد قال الشافعي هاهنا: إذا اشترى بفضل الدينار ما شاء تقابضا قبل أن يتفرقا. وقال الربيع عقيب هذه المسألة: لا بأس وإن لم يتقابضا أيضًا وهكذا قاله في (البويطي)، وإن تفرقا قبل التفاسخ بطل الصرف بقدر ما قابل الدرهم وهل يبطل في الباقي قد ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>