للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكن أحبلها فإنهما يختلفان لأن كل واحٍد منهما يدعي على صاحبه عقدًا ينكره فالقول قول المدعي عليه مع يمينه في نفي ما يدعيه صاحبه عليه. ثم يُنظر فإن حلفا معًا لا يلزم الواطئ التبرئ ليمينه ولا يلزم السيد التزويج ليمينه وحكمنا بزوال العقد [١٣٥/ أ] وللسيد ببيعها بلا خلاٍف لأنه لم يعتبر فيها بما يمنع البيع، وإنما أقر بها للواطئ بثمن يملكه عليه، فإذا لم يملك على الواطئ الثمن الذي ادعاه لم يملك عليه الواطئ الأمة التي أقر بها. وقيل: ترجع الجارية إليه وعلى أي وجٍه ترجع فيه وجهان:

أحدهما: يرجع كما يرجع البائع في السلعة إذا أفلس المشتري وتعذر عليه ثمنها لأن الثمن ها هنا تعذر فيحتاج السيد أن يقول: فسخت البيع ثم يعود ملكًا له في الظاهر والباطن.

والثاني: أنها ترجع إليه على معنى أنه له قبل المشتري ثمنها وقد تعذر عليه الوصول إليه وقد ظفر بهذه الجارية من ماله فكان له أخذها وبيعها بجنس حقه وقبض ذلك بدينه. وفائدة الوجهين إباحة الوطء للبائع فعلى الوجه الأول يحل له وعلى الثاني لا يحل له إذا كان على يقين مما ادعى لأنه على ملك الواطء باعتقاده وإنما ظلمه بمنع الثمن وجعل له بيعها ليتوصل إلى ثمنها. وعلى هذين الوجهين لو فضل من ثمنها بعد بيعها زيادة على الثمن الذي ادعاه من ثمنه هل يسوغ له تملكها؟ فإن قلنا بالوجه الأول يجوز له تملكها، وإن قلنا بالوجه الثاني لا يجوز له تملكها ويلزمه ردها إليه وهو لا يسترد فماذا يفعل بها؟ قد ذكرنا من قبل. ولا خلاف أنه يحرم على الواطئ إصابتها بعد بيعها ولا يستحق صاحب الجارية على الواطئ مهرها لأنه لا يدعي ذلك عليه وإن كان يعترف هو له به. ولو نكل عن اليمين فهو نكول عن يمين نفي فإنكاٍر فيرد عليهما بالإثبات فيحلف السيد عليّ إثبات البيع وحلف الواطئ عليّ إثبات التزويج فإن نكلا عنهما أيضًا لم يحكم لواحٍد منهما بما ادعى وحرمت على الواطئ لنكوله عما ادعاه بالنكاح وهل تحرم على السيد؟ وجهان على ما ذكرنا. وإن حلف السيد أو نكل الواطئ حكم له بالشراء وحكم عليه بالثمن وحرمت على السيد وفي تحريمها على الواطئ في الحكم وجهان:

أحدهما: تحل لأنهما قد اتفقا على حصول الاستباحة وإنما اختلف في جهتها [١٣٥/ ب] وهذا أصح عندي.

والثاني: لا تحل لأنه لم تثبت واحدة من الحالتين بقوله وهو اختيار القفال. وإن حلف الواطئ ونكل السيد حكم له بالتزويج وهي حرام على السيد، حلال للواطئ وجهًا واحدًا.

وإن حلفا معًا قضي بيمين السيد في الشراء ولزوم الثمن على الواطئ لأن تزويجه لها لا يمنع جواز بيعها وابتياعها وهي حرام على السيد حلال للواطئ، وإن حلف السيد في الابتداء ونكل الواطئ فهذه اليمين من السيد إنما هي لنفي ما ادعاه الواطئ من التزويج، وقد نكل الواطئ عن يمين إنكاره لما ادعاه السيد في الشراء فترد على السيد

<<  <  ج: ص:  >  >>