للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليمين ليحلف ثانيًة على إثبات ما ادعى من الشراء فتكون يمينه الأولى لنفي التزويج، واليمين الثانية لإثبات الشراء فيحرم على السيد وفي تحريمها على الواطئ وجهان. فإن نكل عنها فلا ثمن له والجارية في يده محرمة عليه وعلى الواطئ جميعاً. وإن حلف الواطئ في الابتداء ونكل السيد فهذه اليمين من الواطئ إنما هي لنفي ما ادعاه السيد من الشراء وقد نكل السيد عن يمين إنكاره لما ادعاه الواطئ من التزويج فيرد على الواطئ اليمين ليحلف بها ثانيًة على إثبات ما ادعي من التزويج فتكون يمينه الأولي لنفي الشراء، واليمين الثانية لإثبات التزويج فإذا حلف حكم بها زوجة له، فإذا طلقها أو زال النكاح بفسخ رجعت إلى سيدها في الحكم وكانت في الباطن على ما يعلمه فإن كان صادقًا فهي ملكً للمشتري لا يحل له وطئها، وإن نكل عن هذه اليمين وعادت إليه على ما مضى بيانه. وإن كان كاذبًا في دعواه، والواطئ كان صادقًا يحل له وطئها. وإن نكل عن هذه اليمين الثانية فليست له بزوجة وهي محرمة عليه وللسيد في الحالين بيعها لبقاء ملكه بإنكار الشراء. وأما إذا أحبلها وأولدها فهي مسألة الكتاب، ودعوى كل واحٍد منهما تتضمن أحكاماً فدعوى السيد تتضمن استحقاق الثمن وأن الأمة أم ولده وأن الأولاد [١٣٦/أ (أحرار ودعوى الواطئ الزوجية تتضمن إقرارًا بالمهر وثبوتًا للزوجية وأن الأمة وأولاده مرقوقون للسيد فيقبل قول كل واحدً منهما فيما يضره ولا يقبل فيما ينفعه لأنه متهم فيما ينفعه ويكون القول قول الواطئ مع يمينه فيحلف أنه لم يشتر منه هذه الجارية. فإن حلف فالوطء محرم على السيد لإقراره بأنها أم ولد لغيره، وهل يحل وطئها لمدعى الزوجية؟ فإن كان يعلم أنه صادق فيما يدعيه من النكاح يحل له وطئها فيما بينه وبين الله تعالى، لأنها امرأته وهذا إذا كان ممن يَحِلُّ له نكاح الإماء. وهل تحل له في الحكم؟ وجهان على ما ذكره:

أحدهما: يحل لاتفاقهما على إباحته له إما بالملك أو بالزوجية كما لو قال لغيره: بعتك أمتي وقبضت ثمنها وقال: بل وهبتنيها يجوز باتفاق أصحابنا أن يطأها وإن اختلف في سبب الإباحة.

والثاني: وهو اختيار صاحب (الحاوي) (١) لا يحل لأنهما بإنكار العقدين أبطلا أن يكون للواطئ أمةً ولا زوجةً، وصار كما لو قال لآخر: بعتك أمتي بألٍف ولم أقبط الألف وقال: بل وهبتنيها لا يجوز له أن يطأها بالاتفاق لأنهما وإن اتفقا على سبب الإباحة فللمستحق المنع من الإصابة إلا بعد قبضه وخالف حال المقر بقبضه، ويحكم بأن الأمة صارت أم ولد للواطئ بإقرار السيد، وأن الولد خلق حرام. ولا يستحق عليه الثمن إلا ببينٍة وقد برئ من الثمن لما حلف. وهل للسيد أن يرجع عليه بشيء؟.

اختلف أصحابنا فيه منهم من قال: يستحق الرجوع على الواطئ بأقل الأمرين من ثمن الجارية أو مهرها فإنه واجب باتفاقهما جميعاً. ومنهم من قال: لا يستحق عليه


(١) انظر الحاوي للماوردي (٧/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>