للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مملوك ويفارق هذا إذا كان حراً لأن الواجب فيه الدية فلهذا ورثها الغاصب، وأما الأمة فإن كانت قائمة ردها وما ذكرنا من أرش النقصان بالولادة وغيره ولا فرق بين أن يبلغ قيمة ولدها قار نقصانها بالولادة وبين أن تتقاصر عن ذلك أو تزيد ولا يجبر نقصان الأم بالولد بحال.

وقال أبو حنيفة: إذا نقص من قيمة الأم مائة وبلغ قيمة الولد مائة رد الأم والولد ولا يغرم من نقصان الأم شيئاً وهذا غلط لأنه لو غصب شجرة فغرسها الغاصب في ملكه فأثمرت ثمرة تقطعت بها أغصانها وانتقصت قيمتها عليه أرش ما نقص منها مع رد العين والثمرة ولا يجبر نقصان الشجرة بالثمرة كذلك ها هنا، وان كانت تالفة رد قيمتها وجميع ما وجب إلا شيئين أرش البكارة ونقصان الولادة على ما ذكرنا. وإن كان أحدهما جاهلاً والآخر عالماً فإن كان الجاهل هو الواطئ فإن أكرهها لها المهر والحكم كما لو كانا جاهلين وقد مضى بيانه، وان طاوعته فالحكم كما لو كانا عالين إلا في الحد عليها والمهر على المذهبين على ما ذكرنا، فإن كان العالم هو وهي جاهلة فالحكم كما لو كانا عالمين إلا في فصلين سقوط الحد عنها والمهر يجب قولا واحداً.

وأما المسألة الأولى وهي إذا باعها للغاصب فوطئها المشتري فالكلام في ثلاثة فصول فيما يجب من الضمان وفيمن يضمن وفي الرجوع به، فأما ما يجب من الحد والضمان فالحكم في المشتري كالحكم في الغاصب حرفاً بحرف إلا أن الجهالة في حق المشتري أكثر لأنه قد لا يعلمها مستحقة والولد [٢٢/ب] سقط ميتا ها هنا لا ضمان على ما ذكرنا في كتاب البيع ولا تصير الجارية أم ولد له قبل أن يملكها.

وقال المزني: تصير أم ولد له ويقوَّم عليه ولا ترجع منه للحوق ولدها بها في شبهة ملك بخلاف الغاصب وهذا غلط لأن ولدها يلحق بالغاصب أيضا عند الشبهة ولم يوجب ذلك تقويمها عليه فكذلك على المشتري، وأما التضمين فكل ما وجب بفعل المشتري فللسيد أن يرجع به على من شاء منهما فيوجع به على المشتري لأنه وجب بفعله، ويرجع به على الغاصب لأنه سبب يد المشتري ولا يرجع على المشتري بما وجب بفعل الغاصب قبل التسليم بلا خلاف على المذهب.

وأما الكلام في الرجوع نظر، فإن رجع السيد على المشتري رجع بأرش البكارة وما نقصته الولادة، وإن كانت تالفة فقيمتها وقيمة الولد والمهر وأجرة المثل فإذا أخذ ذلك منه فهل يرجع على الغاصب؟ فإن كان قد دخل مع العلم بالغصب لم يرجع بشيء لأنه غرَّ نفسه، وإن كان جاهلاً بالغصب فهل يرجع المشتري عليه بذلك؟ قد ذكرنا فيما مضى أن هذا على ثلاثة أضرب منها ما لا يرجع به عليه قولاً واحداً وهو كل ما دخل على أنه يملكه بعوض وهو أرش البكارة وما نقصته الولادة وقيمتها إن تلفت لأنه قد دخل في العقد على أنه يتلف من ضمانه بعوض وبذل الثمن بمقابلة ذلك فلا يرجع بعوضه على أحد بل يرجع بالثمن الذي دفعه إليه، وكذلك لو حدث بها نقص فغرمه أرش النقص لا يرجع عليه لأنه عوض جزء من العين ولا يرجع عليه بما يغرم من بدل العين.

<<  <  ج: ص:  >  >>