للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكي عن ابن سريج أنه قال: لو قلنا: يرجع بما يغرم من أرش النقص فله وجه وذلك أن من اشترى شيئاً وقبضه فذلك القبض موجب عليه ضمان الكل دون ضمان النقص والعيب وكذلك البائع قبل القبض يضمن الكل لا البعض وبيان [٢٣/أ] هذا أنه لو تلف في يد البائع لزمه رد الثمن، وإن دخله نقص فليس للمشتري أن يقول: استرد الثمن مع نقص العيب بل إن شاء المشتري رده، وإن شاء أخذه ناقصاً ودفع كل الثمن وفي ضده لو حدث عيب في يد المشتري ثم وجد البائع بالثمن عيباً فرده فليرض بالمبيع يسترده وليس له أرش النقص وبمثله لو تلف عند المشتري استرد البائع كل قيمته إذا رد الثمن بالعيب. كذلك ها هنا ومنها ما يرجع به قولاً واحداً وهو ما دخل على أنه يستفيد بغير بدل فأخذ منه بدله ولم يحصل له في مقابلة الغرم نفع وهو قيمة الولد فقط لأنه أخذ منه قيمته وولده حر لا ينفعه ولأنه لم يتلفه ولا تلف بإمساكه وحيلولةً من جهته وإنما تلف بالشرع بتدليس من جهة الغاصب وعقد البيع الذي جرى بينهما اقتضى أن لا يكون الولد مضموناً على المشتري فكان له الرجوع به ومنها ما هو على قولين وهو ما دخل على أنه بغير عوض فأخذ منه بدله وحصل له بمقابلته منفعة وهي المهر غرمه وحصل له الاستمتاع والأجرة غرمها وحصلت له الخدمة في مقابلتها فهل يرجع المشتري بذلك أم لا؟ فيه قولان قال في "القديم": يرجح لأنه غرَّه، وقال في الجديد: لا يرجع وبه قال أبو حنيفة لأنه وان غرم فقد حصل له في مقابلة الغرم نفع وأتلف المنفعة بفعله وهذا ظاهر المذهب والفتوى عندي القول الأول.

ومن أصحابنا من عدَّ في هذه الجملة أرش البكارة أيضاً وقال: فيه قولان هل يرجع به أم لا؟ ومن أصحابنا من قال في الأجرة: ينظر إن كان استهلك منافعها فعلى ما ذكرنا، وإن لم يكن استهلكها يرجع بما غرم من الأجرة قولاً واحداً لأن منافعها تلفت من غير صنع من جهته فهي كقيمة الولد وهذا غلط لأن إمساك العين حيلولة بين المنافع وبين صاحبها وإتلاف لها، فلا فرق بين أن يباشر إتلافها أو لا وهذا [٢٣/ب] إذا رجح على المشتري فإن رجع على الغاصب فهل يرجع الغاصب على المشتري أم لا؟ يبُنى على رجوعه بذلك على المشتري فكل ما لو رجع به على المشتري رجع المشتري به على الغاصب فالغاصب لا يرجع به عليه إذا أخذ منه وكل ما لو رجع به على المشتري لم يرجع به المشتري على الغاصب، فإذا أخذ من الغاصب رجع الغاصب به على المشتري لأن الضمان استقر على المشتري.

فرع

لو كان الغاصب آجرها مدةً معلومة فإن المالك يرجع على المستأجر بأجرة مثلها، ثم هو يرجع على الغاصب بالمسمى الذي دفع إليه ولا يرجع بأجرة المثل التي غرمها للمالك لأنه دخل فيه على أن تكون المنافع مضمونة عليه، وان تلفت الجارية في يد المستأجر من غير فعله أو نقصت فعلى المستأجر للمالك قيمتها أو ما نقص منها ويرجع على الغاصب قولاً واحداً، لأن مقتضى العقد الذي تعاقداه أن لا يكون ذلك مضموناً

<<  <  ج: ص:  >  >>