للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة والفيء جميعاً فإنه مرصد لمصالح المسلمين وهذا من المصالح، ثم نقل المزني: ولا يجوز أن يرزقه من الفيء ولا من الصدقات، لأن لكل مالكاً موصوفاً وفيه خلل، لأنه معقول أن خمس خمس الفيء مع خمس خمس الغنيمة سهمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مصروفان إلى مصالح الإسلام، فيجوز صرف بعض هذا السهم من الفيء إليهم، والشافعي لم يقل هكذا، بل قال: ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يرزقه من غيره من الفيء يعني من الأخماس الأربعة ألا ترى أنه علَّل فقال: لأن لكل مالكاً يريد فما عدا سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة، والفيء والصدقات ملاكاً موصوفين في القرآن والسنة وليس لسهم النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة ولا من الفيء مالاً موصوف بل هو للمصالح.

وهذا على القول الذي يقول: أربعة أخماس الفيء للمقاتلة. فأما على القول الثاني، أنها للمصالح فإنه يبدأ بالأهم، فالأهم، والأهم أن يبدأ بالمقاتلة أيضاً، ثم بسد الثغور، ويجوز ذلك فما فضل جاز أن يرزقهم الإمام منه ويرزق الحكام وغيرهم أيضاً.

مسألة: قال: "وأحب الأذان لما جاء فيه".

وهذا كما قال، أراد به يستحب التأذين لما جاء في فضله من الأخبار، ثم روى من الأخبار خبراً واحداً، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين». ومعنى قوله: الأئمة ضمناء، أي: ضمنوا إتمام الصلاة بالقوم كما جاء في خبر آخر. قال: فإن أتموا فلكم ولهم وإن نقصوا فلكم وعليهم [٣٦ أ/ ٢].

وقيل: الضامن في كلام العرب الراعي والضمان معناه الرعاية، فمعنى الخبر أن الإمام يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم. وقيل: معناه ضمان الدعاء يعمهم به، ولا يختص به دونهم. ومعنى قوله: «المؤذنون أمناء»، أي: هم مؤتمنون على الأوقات، وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أذن سبع سنين صابراً محتسباً كتبت له براءة من النار».

وروى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أذن اثني عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بكل أذان مسنون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة»، أورده الدارقطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>