للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا كان للمرأة أمة لم يكن لها تزويج أمتها بنفسها حتى يأذن لوليها في تزويجها؛ لأنه لما لم يكن لها تزويج نفسها فأولى أن لا يكون لها تزويج أمتها، وجوزه أبو حنيفة بناء على أصله في أن لها تزويج نفسها، فجاز لها أن تزوج أمتها، وقد مضى الكلام معه. وإذا كان كذلك لم يخل حالهما من أحد أمرين:

إما أن تكون بالغة، أو صغيرة فإن كانت أغنى هذه السيدة بالغة رشيدة لم يكن لأحد من أوليائها تزويج أمتها إلا بإذنها وسواء كانت السيدة بكرًا أو ثيبًا، سواء كان الولي أبًا أو عصبة ممن يجبرها على النكاح أم لا؛ لأن هذا تصرف في مالها وهي رشيدة لا يجوز التصرف في مالها بغير إذنها، فإذا أذنت لوليها الذي هو أحق الأولياء بنكاحها في تزويج أمتها جاز له تزويجها فإن لم يكن لها ولي مناسب زوجها الحاكم بإذنها ولا يراعى إذن الأمة مع إذن السيدة؛ لأن الأمة تخير على النكاح فلم يلزمه استئذانها فيه.

فصل:

فإن كانت السيدة صغيرة غير بالغة: لم يكن لأحد من أوليائها سواء الأب والجد تزويج أمتها، وفي جوازه للأب والجد وجهان:

أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي، وأبي سعيد الاصطخري يجوز لهما تزويجها كما يزوجان سيدتها مع ما فيه اكتساب المهر لها والنفقة.

والثاني: أنه لا يجوز لهما عبد فأذنت له في التزويج فإن كان العبد صغيرًا لم يجز؛ لأن الصغير لم يجز؛ لأن الصغير يمنع من مباشرة العقد وفي المتولي لتزويجه وجهان:

أحدهما: وليها في النكاح كالأمة.

والثاني: من تأذن له من الناس؛ لأن ولي النكاح يراعي في الزوجة دون الزوج وإن كان العبد بالغًا فالصحيح أن له أن يتزوج بإذنها وحدها كالسيد. وفيه وجه آخر لبعض أصحابنا أنه لا يجوز أن يتزوج حتى بإذن له وليها فيجوز له باجتماع الإذنين أن يتزوج لأن إذن المرأة في النكاح لا يتم إلا بولي، وهذا خطأ، لأن العبد ممنوع من النكاح بحق الملك فاستوى إذن الملك والمالكة كسائر الأموال.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَُ اللهُ عَنْهُ: "وَأَمَةُ العَبْدِ المَاذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَمْنُوعَةٌ مِنَ السَّيِّدِ حَتَّى يَقْضِي دَيْناً إِنْ كَانَ عَلَيْهِ وَيُحْدِثَ لَهُ حَجْرًا ثُمَّ هِيَ أَمَتَهُ وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا دُونَ العَبْد أَوْ العَبْدُ دُونَ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ ذَبِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ".

قال في الحاوي: اعلم أن ما في يد العبد المأذون له في التجارة كالمرهون على ما في ذمته من ديون معاملاته لضعف ذمته بالرق، فصار ما في يده مستحقًا في ديونه ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>