اشترى أمه من مال التجارة لم يكن للعبد وطئها بحاٍل؛ لأن العبد لا يملكها فأما السيد إذا أراد وطئها فإن كان على دين من معاملاته، فالسيد ممنوع من وطئها لتعلق دينه بها، كما يمنع من وطء المرهونة لما يفضي إليه وطئها من الإحبال الذي ربما أدى إلى التلف، وكذلك يمنع من تزويجها لإفضائه غلى نقصان ثمنها، وسواء كان الدين الباقي من ثمنها أو من ثمن غيرها إلا أن يكون من قيمة متلف فتعلق برقبته ولا يتعلق بما في يده، فإنه قضى العبد جميع ديونه أو قضاها السيد عنه فهذا على ضربين:
أحدهما: أن العبد السيد أن يعيد الحجر عليه، ويمنعه من التجارة فيجوز للسيد حينئذٍ أن يطأ الأمة التي استراها العبد، وأن يزوجها إن شاء، وليس للعبد أن يزوجها بغير إذن السيد، وهل يجوز ل تزويجها بإذنه أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يجوز؛ لأن الرق يمنع من ولاية النكاح.
والثاني: يجوز لأن الرق يمنع من استحقاق الولاية بنفسه، ولا يمنع من النيابة عن غيره كسائر العقود.
والضرب الثاني: أن لا يعيد الحجر عليه بعد قضاء دينه ففي تزويج ووطء السيد لها وتزويجه إياها وجهان:
أحدهما: وهو الأصح يجوز له لزوال ما تعلق بهم من حق.
والثاني: لا يجوز وهو قول أبي علي بن أبي هريرة؛ لأنه لا يؤمن أن يغتر الناس بالإذن المتقدم فيعاملونه على ما في يده حتى يتعلق الحجر ويظهر الرجوع.
قال في الحاوي: وهذا صحيح، لا يملك العبد ولاية النكاح على أحد من مناسبين لنقصه بالرق. فإنه لا يملك ولاية نفسه فكان أولى أن لا يملك الولاية على غيره؛ وكذلك المدبر والمكاتب، ومن في جزء من الرق إن قل؛ لأن أحكام الرق عليهم جارية وتنتقل الولاية عنه إلى من هو أبعد منهم نسبًا من الأحرار، وهل يجوز أن يكون العبد من ذكرنا وكيلاً نائبًا في عقد النكاح أم لا؟ على ثلاثة أوجه:
أحدها: يجوز أن يكون وكيلاً نائبًا على الولي في البذل ومن الزوج في القبول. وهذا قول أبي الطيب بن سلمة.
والوجه الثاني: لا يجوز أن ينوب فيه عن الولي في البذل، ولا عن الزوج في القبول، وقد مضى تعليل هذين الوجهين.