للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن يموت بعد مشيئة التأخير، فاليمين قد انحلت ولا يقع الحنث فيها بتأخير القضاء.

والحال الثانية: أن يموت قبل مشيئة التأخير، فاليمين منعقدة ولا حنث عليه في الحال، لأن زمان البر منتظر، وهو بإمكان القضاء معتبر فإن قضاه في يوم الجمعة بر، وإن لم يقضه حنث لإمكان البر، فأما المزني لما رأى الشافعي رحمه الله قال في هذه المسألة: إنه لا يحنث بموت صاحب المشيئة كما لو كانت المشيئة مردودة آلي صاحب الحق ظن أنه جمع بينهما في سقوط الحنث بموتها في الأحوال كلها، فقال: كيف جمع بينهما في سقوط الحنث بموتها والبر في موت صاحب الحق متعذر وفي موت صاحب المشيئة ممكن فيقال له: إنما جمع الشافعي رحمه الله بينهما في أن الحنث لا يقع في حال موتهما، لأن وقت القضاء لم يأت فصارا فيه سواء في الحال، وإن افترقا بتأخير القضاء، فيحنث بتأخيره إذا كانت المشيئة إلى غير صاحب الحق، ولا يجب تأخيره إذا كانت المشيئة إلى صاحب الحق بما علل المزني من تعذر القضاء بموت صاحب الحق أو إمكانه بموت غيره.

والحال الثالثة: من أحوال صاحب المشيئة قبل موته أن يقع الشك في مشيئته، فلا يعلم هل شاء التأخير أو لم يشأ فالذي عليه جمهور أصحابنا وهو الصحيح أنه يجري عليه حكم من لم يشأ التأخير، لأن الأصل عدم المشيئة حتى يعلم حدوثها، فيكون الحكم على ما مضى.

وحكي أبو علي بن أبي هريرة أنه يجري عليه حكم التأني فلا يحنث الحالف بتأخير القضاء اعتبارًا بالظاهر من نص الشافعي واحتجاجًا بأن الحنث لا يقع بالشك وهذا زلل لأن اليمين منعقدة فلا تحل بالشك.

فصل

ثم إن المزني وصل احتجاجه على ما وهم في تأويله وإن أصاب في جوابه بأن الشافعي قال: إن حلف لا يدخل الدار إلا بإذن فلان، فمات الذي جعل الإذن إليه، إنه إن دخلها حنث، وهذا وذاك سواء، وهذا صحيح.

والجواب في المسألتين على ما ذكره، وليس بينه وبين الشافعي فيهما اختلاف وإنما وهم فيما أطلقه الشافعي من جواب المسألة المتقدمة، فإذا حلف لا يدخل الدار إلا بإذن زيد فدخلها بعد موت زيد فإن كان زيد قد أذن قبل موته لم يحنث، ويكون إذنه شرطًا في البر وتكون المشيئة في المسألة المتقدمة شرطًا في حل اليمين لأن اليمين في دخول الدار معقودة على الإذن، وفي المشيئة معقودة على القضاء، وإن مات زيد قبل إذنه حنث في الدخول، لأن شرط البر لم يوجد، وإن مات على وشك من وجود إذنه وعدمه حنث وجهًا واحدًا على قول جميع أصحابنا، والفرق بين الإذن في هذه المسألة وبين المشيئة في المسألة المتقدمة حيث خرج فيها بعض أصحابنا من الاحتمال على ما خرج فمن وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>