للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن الإذن ظاهر والمشيئة باطنة.

والثاني: أن الإذن في هذه شرط في البر، والمشيئة في ذلك شرط في الحل. والله أعلم.

مسألة

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ عِنْدَ رَاسِ الهِلَالِ أَوْ إلى رَاسِ الهِلَالِ فَرَأَى فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يَهِلُّ فِيهَا الهِلَالُ حَنَثَ. قَالَ المُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ قَالَ فِي الَّذِي حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ إلى رَمَضَانَ فَهَلْ إِنَّهُ حَانِثٌ لَأَنَّهُ حَدَّ قَالَ المُزَيِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا أَصَحُّ كَقَوْلِهِ إلى اللَّيْلِ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ حَنَثَ".

قال في الحاوي: وهذا صحيح كقوله إلى الليل فإذا جاء الليل حنث، نقل المزني عن الشافعي في هذا الموضع ثلاث مسائل، اتفق الجواب في مسألتين واختلف في الثالثة، إحدى المسائل التي اتفق المذهب في الجواب عليها إذا حلف ليقضيه حقه عند رأس الهلال، أو عند رأس الشهر فوقت بره معين بين زماني حنث وهو أن يقضيه مع رأس الشهر ورؤية الهلال، فإن قضاه قبل الهلال حنث، وإن قضاه بعد الهلال وبعد إمكان القضاء معه حنث بمضي زمان الإمكان بعد الهلال.

وقال مالك: لا يحنث بقضائه قبل القضاء يوم وليلة، وجعل زمان القضاء بعد الهلال معتبرًا بيوم وليلة، واعتبره الشافعي رحمه الله بالإمكان وهو أصح، لأن مقادير الزمان إن لم تؤخذ عن نص أو قياس بطلت لما يتوجه عليها من المعاوضة وإذا ثبت أن ذلك معتبر بالإمكان فعليه أن يأخذ في القضاء مع رأس الشهر فيستوي حكم قوله: عند رأس الشهر مع رأس الشهر، وإن كان الحق مما لا يكون زمان قضائه كوزنه من ذهب أو فضة، ضاق زمان بره لإمكان وزنه في أول زمان بعد رأس الشهر، فإن أخره عنه بأقل زمان حنث، فإن شرع في حمله إليه مع رأس الشهر، وكان بعيد الدار منه حتى مضت الليلة أو أكثرها لم يحنث، لأنه معتبر في الإمكان، وإن كان الحق مما يطول زمان قضائه كمائة كر من بر اتسع زمان بره، إذا شرع في القضاء مع رأس الشهر وامتد بحسب الواقع من كيل هذا القدر حتى ربما أيامًا، فإن أخر عند رأس الشهر في جميع ما يقضيه وتحصيله للقضاء حنث، ولو أخذ في نقله إليه لم يحنث، لأن نقله مشروع في القضاء، وليس جمعه مشروعًا فيه، وقول الشافعي رحمه الله في هذه المسألة فرأى في الليلة التي يهل فيها الهلال حنث، يعني إذا لم يقضه فيها، فإن قضاه بر، وليس رؤية الهلال شرطًا وإنما دخول الشهر بأوله جزء من ليلته هو الزمان المعتبر، لأن الهلال ربما غم بسحاب منع من رؤيته إلا أن يعلم في ليلة شك، فلا يكون من الشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>