للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة وثبتهم على ملّة رسولك، وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم، إله الحق واجعلنا منهم.

وروي أن عثمان رضي الله عنه لما كان يجمع القرآن لا يثبت إلا ما اجتمع عليه عدد من الصحابة، فانفرد واحدٌ من الصحابة براوية هاتين السورتين: "اللهم إنا نستعينك" إلى آخره، فقال عثمان رضي الله عنه: "اجعلوها في القنوت"، وإنما أمر به حتى لا تضيّعا، ويستحب أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الدعاء لما روي في حديث الحسن في الوتر، أنه قال: "تباركت وتعاليت" [١٠٣ ب/ ٢] وصلّى الله على النبيّ وسلم. أورده أبو عبد الرحمن النسائي في سننه، وقيل: لا يستحب، ولكن يجوز لأنه لم يصحّ الخبر.

وأما القنوت فيما عدا الصبح، فلا يستحب إذا لم يكن نازلة ويُنهى عنه، فإن نزل نازلة بالمسلمين، ولن تنزل إن شاء الله قنت فيها كلها إن شاء الإمام، ثم إذا زالت النازلة ترك القنوت.

وقال الطحاوي: "القنوت في سائر الصلوات لم يذكره غير الشافعي"، وهذا غلط لما رُوي عن علي رضي الله عنه أنه قنت في صلاة المغرب، وهذا محمول على نزول النازلة. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحٍد، أو يدعو على أحٍد. كان إذا قال: "سمع الله لمن حمده"، قال: "ربنا لك الحمد" وذكر الدعاء.

وقال بعض أصحابنا: إذا لم يكن نازلة، قال في "الأم": "لا يقنت". وقال في "الإملاء": "إن شاء قنت وإن شاء ترك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت فيها وترك، ولا يقال في هذا: ناسخٌ ومنسوخٌ"، وفي نظر. والصحيح ما تقدم، وقيل: يقنت في الجمعة والعشاءين وإن لم يكن نازلة فإذا قلنا لا يقنتا فلا كلام وإذا قلنا يقنت فالقنوت بعد الركوع في آخر الصلاة.

وروي عن ابن عمر أنه قال: كان بعض الصحابة يقنت قبل الركوع وبعضهم بعد الركوع، فإن كانت الصلاة مما تسرّ فيها القراءة أسرّ به، وإن كان مما يجهر فيها بالقراءة جهر به، وقال أبو العوام بن حمزة المازني: قلت لأبي عمرو البهزي: القنوت قبل الركوع أو بعده؟ فقال: بعده، فقلت له: عمنّ أخذت هذا؟ فقال: عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.

وحكي عن مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى أنه قبل الركوع، وأما المأموم ماذا يفعل في حال قنوت الإمام؟ قال بعض أصحابنا: هل يقنت معه المأموم؟ أم يؤمّن على

<<  <  ج: ص:  >  >>