للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القنوت في الصلوات سوى الصبح، وفي الصبح لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا". رواه أنس بن مالك.

وروي أنه سأل أنس: هل قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح؟، قال: نعم. قال: قبل الركوع أو بعد الركوع؟، فقال: بعد الركوع، ثم قال: وقنت عمر وعلي رضي الله عنهما بعد الركعة الأخيرة، وإنما لم يذكر عثمان، لأنه في أيامه قدّم القنوت على الركوع ليدرك الناس تلك الركعة، فإنه كان يسفر بصلاة الفجر لأجل أن عمر رضي الله عنه قتل في صلاة الصبح، وكان يفلس بها". وأمّا خبر أم سلمة نحمله على الدعاء على اللعان أنه تركه ونهى عنه.

ثم صفة القنوت أن يقول: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت". وجملته ثماني كلمات. رواه الشافعي بإسناده عن أبي الجوزاء أنه قال للحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، هل عندك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء، فقال: "كلمات أقولهنّ [١٠٣ أ/ ٢] في قنوت التوتر"، وذكر هذه الكلمات، وقد زاد بعض أصحابنا: "ولا يعزّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، فلك الحمد على ما قضيت، استغفرك وأتوب إليك".

وقالوا: لو قال هذا كان حسنًا. وقال القاضي الطبري قوله: لا يعزّ من عاديت ليس بحسن، لأنه لا تضاف العداوة إلى الله تعالى، وهذا فيه نظرٌ، لأن مثل هذا جاء في القرآن العظيم: قال الله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٩٨]، فلا بأس بهذه الألفاظ، وإذا كان إمامًا، قال أصحابنا: الأفضل أن يعم، فيقول: "اللهم، اهدنا" حتى يكون الدعاء له ولغيره من المأمومين، ولو دعا بغير هذا الدعاء جاز، وإن كان المستحب ذلك.

وقال بعض أصحابنا: لو قنت بما روي عن عمر رضي الله عنه كان حسنًا، وهو ما روى نافعٌ عن ابن عمر، قال: قنت رضي الله عنه بعد الركوع في الصبح، فسمعته يقول: "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ولا نكفر بك، ونؤمن بك ونخلع من يكفرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار مُلحق. اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وأصلح ذات بينهم، وألّفة بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>