للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أصحابنا: فإن لم يكن إشكال وعلم أن المزكي لا يرتاب به ولا يحتاج على إظهار التعديل، وقيل: هل يحتاج إلى الإشارة إذا عدل؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدهما: تلزم الإشارة إليه عند القاضي، فيقول: هذا هو الذي شهدنا عندك بتعديله ليزول الاشتباه ويحصل الاحتياط. والثاني: قال ابن أبي هريرة: لا يجب ذلك لكنه يستحب بكل حال. والثالث: إذا كان مشهوراً في الناس بما يتميز به عن غيره لا يحتاج إلى الإشارة وجوباً لكنه يستحب، وتجب الإشارة في المجهول غير المشهور وهذا أصح.

فرع

إذا ثبتت عدالته عنده يعرف المشهود عليه أنه لزمه الحكم [١٦٨/ ب] فيما شهدوا به عليه، وعرفه ما عمل في أمر الشهود، فإن زعم أنه يمكنه جرحهم نظر في ذلك وتوقف في إنقاذ الحكم إن كان ما يزعم قريباً، ولا يستعجل في إنقاذ الحكم.

روى أنس-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التأني من الله والعجلة من الشيطان". وروي ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تأنيت - وروي إذا تثبت- أصبت أو كدت تصيب، وإذا استعجلت أخطأت أو كدت تخطئ".

فرع آخر

لو جرح الشهود في السر لم يسأل عنهم في العلانية لئلا يؤدي إلى هتك الستر، وإثبات العداوة بينهم وبين من جرحهم، وإذا عدل أعلن التعديل ليرغب الناس في حسن الذكر، وربما كان عند بعض الناس من جرحه ما يخفي على غيره، ولو ابتدأ أصحاب المسائل بالشهادة فيمن بحثوا عنه ولا يعلم الحاكم بما يشهدون به من جرح ولا تعديل فينبغي أن يمنعهم على الجهر حذراً أن يشهدوا بالجرح المأمور بالستر، وإن علم أنهم لا يشهدون بالعدالة جاز أن يدعوهم إلى الشهادة سراً وجهراً.

فرع آخر

لو عدل الشهود اختلف أصحابنا فيه على وجهين: أحدهما: أن الحكم بعدالته قد استقر على التأييد ما لم يطرأ جرح من بعد بناءً على أصل العدالة.

والثاني: قال أبو إسحاق: يعيد البحث عن عدالته في كل مدة لجوا أن يتغير فيها حاله، ولا يلزمه البحث في كل شهادة، لأنه شاق وخارج عن العرف ولم يحد المدة بحد.

وحكي عن بعض الناس أنه قال: يسأل عنه كل ستة أشهر، وهذا ليس بمذهبنا، ونسه صاحب "الحاوي" إلى بعض أصحابنا والمذهب أنه تتوقف المدة على اجتهاده وما يراه. [١٦٩/ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>