إذا أعاد البحث مراراً واستقرت عدالته، فإن تجددت منه استرابة أعاد البحث والكشف وإن لم يتجرح ذلك لا يعيد البحث.
فرع آخر
قال الشافعي- رضي الله عنه-: وإذا نزلت قافلة الحاج أو الغزاة أو غيرهما في بلد يحضر رجلان من أهل القافلة من يعرفه الحاكم لم يحكم بشهادتهما وإن رأي عليهما سيما الخير وأثر الصلاح والعدالة. وقال مالك رحمه الله تعالى: إذا رأي فيهما سيما الخير حكم بشهادتهما، لأنه لا يمكن معرفة عدالتهما ولا يمكن التوقف عن الشهادة، فإن فيه تضييعاً للحق، فكان المرجع إلى السيما الجميل وهذا غلط، لأن عدالتهما مجهولة فلا يجوز الحكم بشهادتهما كشاهدي الحضر، وظاهر مذهبهم تسليم هذا الأصل. وأما ما ذكره فلا يصح، لأنه ربما يؤدي إلى إثبات ما لا يستحق وذلك لا يجوز.
فرع آخر
لا يقبل من الفاسق التعديل سراً كان أو علانية، وقال أبو حنيفة: إذا قام [.......] من الناس في الحكم وغيره، فقال القاضي: إن هذا الشاهد عدل ولم ينكر أحد ذلك فقد ثبت عدالته، فجعل سكوتهم كإخبارهم بالعدالة وهذا لا يصح، لأن سكوتهم يحتمل معاني فلا يجوز أن يقطع بواحد منها.
فرع آخر
لا يجوز للحاكم أن يتخذ شهوداً راتبين فيقبل شهادتهم، ور يقبل شهادة غيرهم لأن في ذلك إضراراً بالناس وتضييقاً عليهم، ولأن شرط قبول الشهادة العدالة، فكل من كان بهذه الصفة وجب قبول شهادته، وقد قال تعالى:[وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ][الطلاق:٢]، ولم يخص، وربما ثبتت الحقوق في مواضع لا يكون هناك شهود راتبون ويقال: إن أول من اتخذ ذلك إسماعيل بن إسحاق [١٦٩/ ب] وتابعه سائر القضاة في بعض البلاد في هذا، ليكون الشهود أعياناً معدودين فلا يستشهد الخصوم بمجهول العدالة، ولا يطمع في الشهادة غير مستحق لها، وعندنا يكره ذلك، ولم يفعله الصدر الأول. فإذا تقرر هذا فيجب على الحاكم أن يسمع شهادة كل من يشهد عنده، فإن عرف فسقه رد شهادته، لأنه يجوز أن يحكم بالجرح والتعديل بعلمه.
مسألة: قال: "ولا ينبغي أن يتخذ كاتباً حتى يجمع أن يكون عدلاً عاقلاً".
الفصل
اعلم أنه لا يستغنى قضاة الأمصار والولاة على الأعمال عن كاتب ينوب عنهم في