للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكنتها، وهي في محلة «العفيف» أول حيّ المهاجرين، ونزلَت حاشيته الدُّورَ المجاورة لها. وكان لعمي الشيخ عبد القادر دار كبيرة جداً لها برّاني وجوّاني (اقرأ وصفها في كتابي «من حديث النفس») (١) فاستأجروا برّانيها.

وكنت أمشي يوماً في الحرم في مكة أول سكني بها (وذلك سنة ١٣٨٤) ولم يكُن قد تم بناؤه، فسمعت صوتاً يناديني، فالتفتّ فإذا أنا بشيخ له سمت وهيئة مع جماعة يتبعونه، فوقفت له حتى وصل. قال: أنت الشيخ علي؟ قلت: نعم. فهشّ لي ورحّب بي وسلّم عليّ، وانطلق يسألني فقال: ابن الشيخ مصطفى؟ قلت: نعم. قال: كيف حاله؟ فدُهشت وقلت: رحمه الله. قال: متى؟ قلت: في شعبان سنة ١٣٤٣، أي من أربعين سنة. قال: رحمه الله، رحمه الله. وعمّك الشيخ عبد القادر؟ قلت: تُوُفّي من عشرين سنة. قال: وأخوه؟ وفلان وفلان؟ يسأل عن ناس مرّت على موت أقربهم وفاةً عشرون سنة.

قلت: يا سيدي، من أنت؟ هل أنت من بقايا أهل الكهف؟! فإذا به الشيخ حسن فدعق رحمه الله، وكان -كما تذكرت بعدُ- إماماً للشريف فيصل، استأجر برّاني بيت عمي وعرفنا ونحن صغار، رحمهم الله جميعاً (٢).

* * *


(١) في مقالة «بيوتنا هدمناها بأيدينا» ص٢٥٢ - ٢٥٤ (مجاهد).
(٢) هذه القصة وردت في أول مقالة «التفكير بالموت» المنشورة في كتاب «فصول اجتماعية»، فمن شاء فليقرأها هناك (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>