للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الأستاذ العلاف يقوم بعمل المخرج، فاشترينا من سوق الأروام (في آخر سوق الحميدية) ثياباً تصلح لأدوار المسرحية، من دكاكين كانت تجمع هذه الثياب التاريخية وغيرها. وكان يتولّى عمل «الماكياج» فيلصق اللّحى والشوارب، ونصنع من الورق المقوّى تيجاناً ومن الخرز عقوداً؛ أي أننا عملنا مسرحاً بدائياً جعلنا نُجري فيه التجارِب (البروفات).

ومُثِّلت الرواية فدُهش منها الناس، وكانت فاتحة سلسلة من الروايات كنت أكتب أنا نصوصها. أُعِدّ الفكرة في ذهني ثم أدخل فأمليها إملاء على التلاميذ، ثم نختبرهم ونوزّع الأدوار عليهم. عملت سبع مسرحيات منها مسرحية عن أبي عبدالله الصغير وسقوط دولة غرناطة، ومسرحية عن ثورة محمد بن أميّة في الأندلس على الإسبان بعد زوال الحكم الإسلامي عنها. وكانت عندي نسخ مفردة من هذه المسرحيات أحضرتها معي، فطلبت إلى إدارة الرائي (التلفزيون) في جدّة من سنوات طويلة أن تنظر فيها لعلّ فيها ما يمكن الاستفادة منه، فأعطوها إلى موظف كان هنا اسمه فلان العوري (نسيت اسمه) فأخذها وأضاعها، ولم يقدّم اعتذاراً ولم يشعر بأنه ارتكب إثماً. وكذلك يموت الضمير في بعض الصدور حتى لا يدري المجرم أنه أجرم!

ولم نكُن نستجيز أن نأتي بنساء ولا أن نُلبِس أحد التلاميذ لباس النساء ليقوم بدور امرأة (كما كان يُعمَل من قبل) لأن ذلك يقضي على مستقبل هذا التلميذ الذي يُختار عادة من ذوي الوضاءة والجمال ممّن يشبه البنات، فإذا انتهت الرواية لم يعُد يناديه رفاقه باسمه الحقيقي بل اسمه النسائي في المسرحية، وذلك شيء لا

<<  <  ج: ص:  >  >>