للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أترونها على الشطّ الغربي لدجلة؟ إنها مدوّرة على هندسة مبتكَرة ما في المدن التي أعرفها شبيه لها إلاّ دهلي الجديدة (نيودلهي) اليوم. لقد احتُفل بافتتاحها سنة ١٤٩هـ وبلغت نفقات بنائها ١٨ مليون دينار من الذهب. أتعرفون كم تعدل من نقود هذه الأيام؟ لقد ذكر المؤرّخون أن الدينار كان يُشترى به يومئذ تسعة عشر خروفاً، وألف ومئتا رطل من التمر، وكانت أجرة العامل على مدى ستة أشهر ديناراً واحداً. فانظروا كم يساوي مبلغ ثمانية عشر مليون دينار من نقود هذه الأيام التي يساوي فيها الخروف فيما أعلم أكثر من خمسين ديناراً.

وجعلها مدوّرة لئلاّ يكون بعض أنحائها أقرب إليه من بعض، وجعل فيها مجلسه، وأقام عليه إيواناً عليه قبّة خضراء علوّها ثمانون ذراعاً، وجعل من المجلس إلى الأرض الفضاء نفقاً (سرداباً) طوله فرسخان. وبقيَت هذه القبّة وهي (كما يقول الخطيب البغدادي) تاج بغداد وعلَم البلد تُرى من أطرافها جميعاً، حتى هوت في ليلة عاصفة من سنة ٣٢٩هـ، أي بعد مئة وثمانين سنة.

ودار الفِلم، وظهرت صورة ثالثة لبغداد.

لقد بلغَت من عمرها عشر سنين فقط، ولكنها شبّت كما يشبّ الجنّي في القصّة، واستطاعت أن تقفز من فوق دجلة إلى الضفة الأخرى. فهل سمعتم ببنت عشر سنين تقفز نهراً عرضه خمسمئة ذراع؟

لقد أقام المهدي الرُّصافة فصارت بغداد بلدَين: الكرخ

<<  <  ج: ص:  >  >>