الأنهارُ من كل مكان لتصبّه في البحر. لقد تمّت ولكن:
إذا تمّ أمرٌ بَدا نقصُهُ ... ترقّبْ زَوالاً إذا قِيلَ: تَمْ
لقد أصابتها عين الحسود، لقد حلّت النكبة ببغداد ونزلَت ساحتها الحرب بوجهها الكالح ومنجلها الذي يحصد الأخضر واليابس. إنها الحرب الداخلية؛ الحرب بين الأخوين: بين الأمين والمأمون. ولكن الغادة الشابّة القوية لا تموت من المَرْضة العارضة مهما اشتدّت، ولقد برئَت بغداد وعادت إلى أبهى ممّا كانت عليه وأزهى.
ومضى الفِلم، وبدت صورة لبغداد وهي على كرسيّ الولادة في المستشفى. لقد وَلَدَت بغداد، وكان الطبيب المولِّد هو الخليفة الذي كان آية في قوّة جسمه ورجولته وآية في جهله وعامّيته، والذي أدخل جراثيم المرض الفتّاك في جسد هذه الدولة القوية، المعتصم الذي جاء بغلمان الأتراك فجعلهم سادة الدولة، فجرّ علينا مصائب ثمانية قرون.