وحسبكم أن تعلموا أن عدد ما عُلّق فيها من ستور الديباج المذهَّبة المطرّزة المصوّرة بأبدع ما أخرجَته أيدي النُّقّاش والمصوّرين والمطرّزين في أرجاء الأرض كان ثمانية وثلاثين ألف ستار. ولا تحسبوا قصر التاج كما تعرفون من القصور. لا، ولا تظنّوه كالحمراء في غرناطة ولا فرساي في باريس. كان فيه ثلاثة وعشرون قصراً كل واحد منها أكبر (كما وصفوا) من قصر عابدين في مصر.
وكان في إسطبل الخيل ألف فرس، خمسمئة على اليمين عليها السُّرُج المُحلاّة بالذهب والفضّة، وخمسمئة على اليسار بجلال الديباج والبراقع الطوال، وكل فرس أمام بيته بِيَد سائس بأجمل بزّة وثياب.
ومرّوا بالوفد على حَيْر الوحوش المستأنَسة (أي حديقة الحيوان) وكان فيه مئة من السباع، خمسون عن يمين وخمسون عن يسار، وفيه دار الفِيَلة. ثم مروا بالوفد على قصر الفردوس، وكان فيه بهو طوله ثلاثمئة ذراع قد صُفَّت فيه أنواع الأسلحة التي لم يرَ الراؤون مثلها. ثم دخلوا بالوفد دار نصر الحاجب، فلما رأى وفد الروم عظمة المكان وأُبّهة نصر حسبوه الخليفة فركعوا وسلّموا، فقيل لهم: لا، هذا هو الحاجب.
ثم أدخلوهم على الوزير ابن الفرات، وكان في مجلس في حديقة في القصر بين دجلة والبستان قد عُلّقت فيه الستور ومُدَّت الفُرُش، وكان (١) شيء عجيب، فحسبوه الخليفة فركعوا وسلّموا، فقيل لهم: هذا هو الوزير.