للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلم الابتدائي يصادف قلوباً خالية يمكن أن تُملأ بالخير أو بالشرّ، بالإيمان أو بالكفر، بالفضيلة أو بالرذيلة. وأنا أرجو أن أكون قد نثرت في قلوب تلاميذي بذور الفضيلة والخير والإيمان.

إن ممّن علّمت في الابتدائي أناساً بلغوا أعلى المراتب، صار منهم -كما قلت من قبل- الوزراء وصار منهم في الوزارات وكلاء، وصاروا أساتذة جامعات، وصار منهم من هو أجلّ مني قدراً وأسْيَر في الناس ذِكراً، ولا يزالون إذا لقوني يذكرونني بالخير. ولولا المنغّصات في التعليم الابتدائي، ولولا رعونة بعض المديرين وسخافة عقولهم واهتمامهم بالصغائر، ولولا انتفاخ بعض المفتّشين، ولولا أن من الأنظمة والقوانين ما وضعه ناس غرباء عن التعليم لكان التعليم الابتدائي نعمة من النعم.

لكنني لم ألقَ من المديرين أحداً من هذا الصنف الذي وصفت. كان مديرنا في أول مدرسة درّست فيها هو الرجل الطيّب النبيل الأستاذ باكير الأورفلي، وقد عرفتموه. وعلّمت في مدرسة الملك الظاهر، وهي من أقدم المدارس الرسمية الابتدائية في دمشق، وكانت في المدرسة الأثرية التي فيها قبر الملك الظاهر والتي أقام فيها الشيخ طاهر الجزائري نواة المكتبة العظيمة «الظاهرية»، وكان مديرها الأستاذ شريف آقْبيق (ولعلّ معنى «آقبيق» في اللغة التركية: صاحب الشوارب البيض). وأسرة آقبيق أسرة صغيرة معروفة في الشام منها صديقنا القاضي الكبير النزيه رحمة الله عليه، والنائب في المجلس النيابي الأستاذ محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>