للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف أصوغ؟ أنا أعرف كيف أصوغه فلماذا أشرحه لكم؟ وتوضيح الواضحات من أشكَل المشكلات.

كان العرب الأوّلون، وهم أهل اللسان الذين أُخِذَ عنهم، لا يدرون شيئاً من هذه التعريفات. حتى إن أحمد بن فارس روى عن أعرابي لمّا سألوه: أتجرّ فلسطين؟ لم يفهم معنى الجرّ عندهم وأخذه على معناه اللغوي فقال: إني إذن لقوي! ولمّا سألوا آخر: أتهمز إسرائيل؟ فَهِم الهمز على أنه الغمز واللمز واللكز، ولم يعرف معناه المصطلَح عليه فقال: ما كنت رجل سوء! وأنا لا أريد أن ندَع هذه المصطلحات كلّها بل أن ندع هذه التعريفات.

قلت هذا لأسرد عليكم حادثة ممّا وقع لي: "كنت أعلّم التلاميذ (١) ما جاء في الكتاب في تعريف الاسم (وأنه الكلمة التي تدلّ على معنى مستقلّ في الفهم وليس الزمن جزءاً منه) شرحت ذلك وأعدتُه وكرّرتُه فلم يفهموا عني، وكيف يفهمونه وهو أعلى ممّا تصل إليه أفكارهم وأفهامهم؟ وبعد أن تكلمت ربع ساعة قلت: من فهم؟ فرفع ولدٌ إصبعه، فحمدت الله على أن واحداً منهم قد فهم وقلت: قُم يا بُنَيّ بارك الله فيك فأخبرني ما هو الاسم؟ فقال: يا أستاذ هذا دعس على رجلي. فصحت به: ويحك، إني أسألك عن تعريف الاسم فلماذا تضع رجلك في التعريف؟ ألم أقُل لكم إن هذه الشكاوى ممنوعة أثناء الدرس؟ فقال: ولماذا يدوس هو على رجلي؟ فصحت بالآخر: لِمَ دست


(١) هذه الفقرة من مقالة «قصة معلم»، وقد نشرها جدي في تلك السنة (١٩٣٥)، وهي في كتاب «من حديث النفس» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>