للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني، بيوت الكرخ، تسبح ظلالها في مائه. وأفطرت وتوجهنا جميعاً إلى المدرسة الثانوية المركزية.

* * *

كانت الثانوية المركزية على دجلة بين مجلس النوّاب ورياسة مجلس الوزراء، وكان أول ما أدهشني أني وجدت فيها نحواً من أربعين مدرّساً من كل بلد ومن كل أمّة.

تجمّعَ «فيها» كلُّ لِسْنٍ وأمّةٍ ... فما يفهمُ الحُدّاثَ إلاّ التّراجمُ

كان فيهم العراقي والسوري والفلسطيني، فيهم العربي وغير العربي، فيهم الإنكليزي والفرنسي والألماني، فيهم الشيخ وفيهم الخوري ... وأدهشني أن أكثرهم من الشبّان أو ممّن كانوا في أوائل الكهولة، وعهدي بالأساتذة عندنا من الشيوخ أو الكهول، وأول شابّ جاءنا في الشام فدرّسَنا (أول عهده بالتدريس وآخر عهدنا بالدراسة) هو جميل صليبا، وبعده هاشم الفصيح.

وكان من أعجب أساتذة الثانوية المركزية الدكتور يوسف مَسكوني، وهو من تلاميذ أنستاس الكرملي؛ له اختصاصات متعدّدة في علوم متعدّدة تتداخل في ذهنه، فربما سُئِل عن مسألة في اللغة فأجاب من الفلسفة، أو مسألة من الأدب فأجاب من الجغرافيا!

وكان معنا مدرّس فلسطيني يدرّس اللغة الإنكليزية، ولكنه خفيف الروح صاحب نكتة، له غرائب منها أنه يركب الحافلة المزدحمة فيُخلي الناس المقعد كله له، فيقعد وحده مكان اثنين

<<  <  ج: ص:  >  >>