للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها إن قبيلة على حدود اليمن اسمها «السّوالم» لا تزال تنطق الفصحى لم يدخل ألسنتها اللحن ولا بلغتها العُجمة، وكان ذلك خيالاً منّي (١)، فأخذ ذلك الأستاذ وحيد جباوي فوضعه في بحث له عن الفصحى وعن اللحن ونشر خلاصة منه في مجلّة مجمع اللغة العربية!

* * *

وذهبنا مرّة نزور زميلاً في المدرسة، زميلنا الأستاذ الملائكة، وأظنّ أن اسمه الأستاذ صادق الملائكة، وكان معنا أستاذ آخر هو صادق الأعرجي، فأنا أخلط بينهما. وكانت الدار في الكرّادة نسلك إليها من الباب الشرقي، ولم يكن قد وصل البناء إليها. فاستأجرنا عربة ساومْنا صاحبَها لأنه طلب أجراً كبيراً، ثم اتفقنا، وقد أخرج على الطريق دَخينة (سيجارة) وضعها في فيه، ولم يجد كبريتاً فأشعلناها له. وكنت أنا وأنور وحدنا، فلما وصلنا وناولناه الأجرة حلف لا يأخذها، فعجبنا فقال: الآن صرنا أصدقاء لأنكم أشعلتم لي السيجارة، وعيب أن آخذ أجرة من صديق.

وأصررنا وأصرّ، وأبى أشدّ الإباء وأدار عربته ومضى. وبقيت إلى الآن متعجباً منه ومعجَباً به، وبهذا النبل العربي تلقاه حتى في سائق عربة أجرة. وأظنّ أن الأستاذ الملائكة زميلَنا هو أبو الشاعرة نازك، أظنّ ولا أُحقّق. وقد نشرَت أول العهد بها في


(١) وقد ذكروا أن جبلاً في اليمن نسيت اسمه بقي أهله قروناً محافظين على سلامة لسانهم بعد فشوّ اللحن والعامّية في بلاد العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>