للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختراق، فجاؤوا من بلجيكا فدخلوا فرنسا من الشمال.

وكنت أعرف «الفصل» الذي كُلّفت بالتدريس فيه، فلم أدخل على المدير كما هو مطلوب من مثلي، بل دخلت الصفّ (أي الفصل) رأساً. وكنت من الحَرّ قد نزعت ردائي (جاكيتي) وحملته، وشَمّرت كُمّي عن طرَف ساعدي، كأنني طالب كبير. ولا ينبغي للمدرّس أن يصنع مثل هذا، لا سيما في دروسه الأولى قبل أن يعرفه الطلاّب ويثقوا من علمه وفضله، ويثق هو من أدبهم معه واحترامهم له، ولكني أذكر ما كان.

ولقد وقعت لي هنا حادثة، سألوني مرّة في مقابلة صحفية عن أطرف ما وقع لي في حياتي في التعليم فتحدّثت بها.

هي بإيجاز أنني دخلت وسط المحاضرة (وكان هذا خطأ مني)، فسمعت المدرّس يودّع الطلاّب ويوصيهم بخَلَفه (الذي هو أنا) ويسمّيه لهم ويُثني عليه ويمدحه، فأعجبني ذلك منه وتقدّمت خطوتين، فصاح بي: يا زمال (١)، فين داخل؟ تأتي في وسط المحاضرة وتدخل على هذه الحال من قلّة الأدب! (وأشهد الآن أن الحقّ كان معه). قال: وأظن أنك لم تحضّر درسك، هل تستطيع أن تلخّص ما قلته أمس عن البحتري؟ هيا تكلّم عن البحتري يا زمال!

وأخذت أتكلّم عن البحتري بلغة سليمة ولهجة موزونة وإحاطة بالموضوع، أستشهد في كلّ موضوع بما قاله هو وما قال


(١) أي يا حمار، ولعلّها محرَّفة عن الزاملة

<<  <  ج: ص:  >  >>