للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلفي، لا لأني كنت معهم جميعاً بل لأني كنت أعاون كلّ من يعمل للإسلام، أمشي معه ما دام طريقي على طريقه، فإن اختلف الطريقان لم أبدّل من أجله طريقي. وكانوا يستجيبون لي لأنني لا أنازع شيخاً على مشيخته ولا رئيساً على رياسته، ولو عُرضَت عليّ (وقد عُرضت فعلاً) لأبيتها، لذلك كانوا يستجيبون لي ولا يستوحشون مني.

إن من الكُتّاب من يخالط أصحاب الرياسة وأرباب السياسة ومالكي الجرائد، ويصادق أهل النفوذ والسلطان فينوّهون به في كل مكان، وإن كانت جائزة أو منفعة ذكروه فقدّموه لها. وأنا أعمل وحدي بعيداً عنهم:

فإذا تكونُ كَريهةٌ أُدْعى لَها ... وإذا يُحاسُ الحَيْسُ يُدعَى جُنْدُبُ

* * *

ما الذي أشتهيه الآن؟ لا أحتاج مالاً؛ إن ما رزقني الله منه يكفيني، وصحّتي إن بقيَت لي فإنها حسبي. ولا أطلب شهرة، فعندي منها الكثير؛ كنت معروفاً في دمشق من أكثر من خمس وأربعين سنة، وأنا معروف في بلاد كثيرة، أمّا في المملكة فيعرفني من وجهي وصوتي أكثر مَن أصادفهم من الرجال والنساء. هذه نعمة من الله أحدّث بها، وما قلتها لهذا بل لأسأل: ما نفعي منها؟ إني لا أراجع دائرة حكومية ولا أشتري شيئاً، وكنت أكتب إلى جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله مع شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار من أربع وخمسين سنة، ويتفضّل هذا الرجل العظيم عليه رحمة الله فيصلني جوابه وأنا شابّ لا يُؤبَه له. وكتبت بعده إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>