الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ. ولقد بيّنت فيها ما أكّدَته لي الأيام وأثبتَته لي التجارِب، من أن جُلّ الفساد الذي دخل في مجتمعنا فأضاع أخلاقنا وأبعدنا عن ديننا، وأكبر العلم الذي فتح عقولنا وجدّد أفكارنا، إنما جاءنا كله من الغرب، من أوربّا وأميركا، من ذهاب أبنائنا إليه ومن ورود أهله علينا.
وكم من شابّ نشأ في أسرة مؤمنة حريصة على دينها متمسكة بفضائلها، أرسلناه إلى تلك البلاد ليعود منها بالعلم، فعاد بشهادة بلا علم أو عاد بعلم بلا دين، أو ترك الدين والعلم هناك ورجع متأبطاً ذراع حليلة بيضاء شقراء، ولكن وراء بياض جلدها وشقرة شعرها قلباً أسود مملوءاً كفراً، يسري في قلوب أولاده منها.
ولقد عشت زماناً كنّا نقارع فيه الفرنسيين المستعمِرين في الشوارع نهاراً، ثم يأوي نفر منّا إلى بيوتهم فيجدون المستعمِرات الفرنسيات متحكمات في دورهم، ومربّيات لأولادهم، لا يملكون لهنّ قِراعاً ولا يثيرون عليهن حرباً. وهل يعلن أحدٌ الحربَ على زوجته وأم أولاده؟
وما ضعضع دولة العباسيين وزعزع أساس ملكها إلاّ الجواري الجميلات الفاتنات من بنات أعدائهم، صرن اللباس لهم في مضاجعهم والحبيبات المالكات أفئدتهم، وصرنَ أمهات أبنائهم، ثم صار الأمر لهؤلاء الأبناء فغدون الحاكمات من وراء ستار.
كنت أعرف هذا ولكن لا أشعر به تماماً لأنه بعيد عني، والناس لا يدركون حقيقة الخطر إلاّ إن شبّت النار في الدار