للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمجادُ المسلمين، وحياتُه حياةُ هذه الأمة الواحدة؟ أتتركهم يموتون وبغداد تستروِح رائحة الربيع المعطّر، وتستمع إلى جَرْس النشيد الحلو، وتنام على فُرُش النعيم؟

هذا يوم من أيام التاريخ له ما بعده؛ فلا يقولَنّ التاريخ غداً: يا ليتهم نصروا الشام وقت محنته، يا ليتهم لم يدَعوه رهن الحديد والنار، يا ليتهم لم يتخلّوا عن إخوانهم فيه! يا غازي، الشام في كرب شديد، الشام في ضيق (إلى آخر المقال فالمقال طويل) (١).

وصدرت جريدة «البلاد» في بغداد يوم الخميس الثلاثين من آذار (مارس) سنة ١٩٣٩ (التاسع من صفَر سنة ١٣٥٨) وفي صدرها هذه المقالة، مطبوعة بحروف ظاهرة بعنوان كبير، فجاءت كما قال الناس، لا أقول أنا فعيب أن يُثني المرء على نفسه، ولكن الناس قالوا إنها جاءت نموذجاً لأدب الاستصراخ وأسلوب الاستنهاض وإثارة الهمم وبعث العزائم، حتّى إنها (وعفوكم إن قلت هذا) وُضعت في كتب الطلاّب وحفظوها.

وكان لغازي رحمه الله ولع بالأعمال الكهربية (الإلكترونية واللاسلكية)، حتّى إنه أنشأ في قصر الزّهور في الكرخ إذاعة أقوى من الإذاعة الرسمية. نُشرت كلمتي في الصباح يوم الخميس وأذيعت من قصر الزهور مساء ذلك اليوم، فلما انتهت إذاعتها


(١) تجدون المقالة بكاملها وخبرَها المفصَّل في مقالة «يوم من أيام بغداد» المنشورة في كتاب «بغداد» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>