للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحفّون به ويلتفّون حوله، فلما عُزل وجاؤوا بالدكتور كامل أشرفية انفضّ عنه من كان يحفّ به (وما يحفّون على الحقيقة إلاّ بالكرسي الذي كان يجلس عليه). انقطعوا عنه لما انقطع أملهم فيه، كنت أنا وحدي الذي كتبت في جريدة «ألف باء» أثني على جبري وأذكر أدبه وفضله، وأهجو أشرفية وأسرد صادقاً معايبه ومثالبه.

ولما كان انقلاب بكر صدقي الذي حدّثتكم حديثه وجاء حكمت سليمان (وهو أخو محمود شوكت باشا الذي تولّى خلع السلطان) هاجمتُ حكمت سليمان في كل مكان. فلما تركت العراق ولم تعُد لي صلة به ولم يبقَ لحُكّامه طريق إلى نفعي ولا إلى ضرّي، كتبت في «ألف باء» في دمشق أدافع عن حكمت سليمان الذي لم أعرفه ولم أكلّمه، ولكني رأيته مظلوماً فرأيت من المروءة أن أقف في جانب المظلوم.

ولي مواقف كثيرة مثل هذه. لكن لماذا أذكرها؟ فخراً بها؟ ربما فخرت بها، ولكن المقصد الأول أن أثبت للناس أن هذه الأمة فيها خير، فيها من يمدح صادقاً من غير طمع بفائدة وينقد صادقاً من غير تشفٍّ ولا انتقام.

* * *

كنت أدرّس في الغربية طلاّباً أذكياء، أحببتهم فأحبّوني ومحضتهم النصح فأكبروني، ونبغ منهم جماعة كان أظهرهم شخصية (وإن كان أصغرهم سناً وجسماً) طالب اسمه نجدة فتحي صفوت. كان أبوه مدرّس رسم، وورث عنه الحاسّة الفنّية كما يقولون. وهو -كما يدلّ اسمه- من أسرة يبدو أن أصلها تركي، وإن كان اسم نجدة قديماً، وحسبكم نجدة بن عامر البكري الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>