للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولعل الأخ العراقي الذي علّق فيما سبق على هذه الذكريات يرسل تعليقاً جديداً من مقامه في بغداد يبيّن فيه اسم هذا الرجل). كلّمني المدير بشأن هؤلاء اليهود فقلت له: إني ليغيظني الذي يغيظك، ولكن ماذا أعمل؟ وأنا إنما اؤتُمنت على تقدير الدرجات لما في ورقة الامتحان، فلو أن بين الطلاّب ابني أو أخي ما زدته درجة على ما يستحقّ، ولو كان بينهم قاتل أبي ما نقصته درجة. وهذا ما أمرَنا ربنا حين قال لنا: {ولا يَجْرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلى ألاّ تَعْدِلوا، اعدِلوا}. فإذا وجدت أنت سبيلاً إلى ضمان مصلحة البلد بمعاملة اليهود بما يستحقّونه، بشرط ألاّ أدع العدالة بين الطلاّب، كنت لك شاكراً.

ففكّر ثم قال: ندمج مادّتَي الديانة والأدب معاً ونعطيهما درجة واحدة. قلت: ولكن بقي للامتحان أسبوعان وسيُفاجَأ اليهود بهذا القرار ويثورون علينا. قال: هم أقلّ وأذلّ من أن يثوروا، وهذا الدمج من الأمور الإدارية التي نيطَت بي وأنا المسؤول عنها.

فوافقتُه مُكرَهاً. وصدر القرار ونُفِّذ، ولم يُسمَع صوت اعتراض لأن مادّة الديانة كانت دراسة سورتين من القرآن وتفسيرهما، والقرآنُ كتابُ العربية وكتاب الإسلام، فلا عجب أن يكون بين النصوص الأدبية المختارة شيء من القرآن، بل ذلك هو الأصل وذلك هو المطلوب.

وجاء الامتحان، وصحّحت الأوراق وظهرت النتائج، فكان الأول والثاني والثالث والرابع والخامس أيضاً من اليهود. فذهبت

<<  <  ج: ص:  >  >>