للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِرْقية، كما يغلب على شباب العراق فهمها بهذا المعنى. أمّا مصر فما وجدت لها في مصر (وقد درست فيها سنة ١٩٢٨) أثراً ظاهراً، وأمّا في الشام (سوريا) فكان لها أثر ضئيل عند طائفة من الشباب.

فلما جئت العراق وجدت فكرة القومية طاغية على الشباب، بثّها فيهم مدرّسون أكثرهم من غير العراق، من أبرزهم ساطع الحصري، العربي الحلبي الذي ربّاه الترك وعاش بينهم دهراً من عمره، حتّى إنه مات وما يحسن النطق بالعربية كما يحسنها العرب وتظهر العجمة على لسانه من الجمل الخمس الأولى من حديثه إذا تحدّث أو محاضرته إذا حاضر. ومنهم النصولي، ويذكر كبار السنّ الفتنة التي ثارت في العراق لمّا ألف كتابه عن الأمويين.

كان الأمل والمطمح الأقصى لشباب بغداد في تلك الأيام هو تحقيق وحدة عربية كوحدة ألمانيا وإيطاليا، وكانوا يُعنَون بتاريخهما وتفاصيل أخبارهما عناية بالغة، وكانوا ينظرون إلى بلدهم العراق على أنه مثل بروسيا في الوحدة الألمانية وبيه مونت في إيطاليا.

ونحن -الإسلاميين- لا نأبى الوحدة العربية، ولكن نراها محطّة على طريق الوصول إلى الغاية وليست هي الغاية. ونحن لا نحارب القومية حرباً عمياء نخلط فيه خيرها بشرّها ثم نلقي ذلك جميعاً في لهب هذه الحرب، ونحن لا نسلب العرب فضائلهم وكريم سلائقهم، فلولا مزايا العرب التي أودعها الله فيهم، أي في طبيعتهم وفي سليقتهم، ما اختار الله رسوله منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>