للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{واللهُ أعلَمُ حيثُ يَجعلُ رسالتَه}، ولا جعل القبلة البيت الحرام عندهم ولا أوجب الحجّ إلى أرضهم. ولكننا لا نفتري على الله ولا نكذب على التاريخ، ولا نزعم أنه كان للعرب قبل الإسلام -كما يقولون- هذه المزايا التي يدّعونها لهم ولم تكن لهم، ولا نقول مقالتهم: إن الإسلام إنما هو مظهر من مظاهر عبقريتهم الكامنة فيهم.

فما طبيعة العلاقة بين العرب والإسلام إذن؟ لقد فكّرت في ذلك طويلاً، ثم وضّحته في محاضرة لي في الكويت لمّا دعتني إليها جمعية الإصلاح، أي الأخوان الكريمان عبد العزيز وعبد الله المطوّع، وكانت تلك هي المرّة الوحيدة التي زرت فيها الكويت، في الخمسينيات (١).

ساءلت نفسي: هل بين العربية والإسلام تطابق بحيث إن العربية والإسلامية كلمتان مترادفتان تُغني إحداهما بمدلولها عن أختها، فكلّ ما هو إسلامي عربي وكل ما هو عربي إسلامي؟ وكان الجواب: لا. فقلت: هل بينهما تناقض كالوجود والعدم والموت والحياة، بحيث إنهما لا يجتمعان ولا ينعدمان؟ وكان الجواب: لا. هل بينهما تضادّ كالبياض والسواد بحيث إنهما لا


(١) زارها سنة ١٩٥٦، وقد أشار إلى هذه المحاضرة في أول مقالة «عربية إسلامية» المنشورة في كتاب «في سبيل الإصلاح»، قال: "دعتني من أشهُر جمعية الإصلاح في الكويت إلى إلقاء محاضرات، وكان منها محاضرة عنوانها «بين العربية والإسلامية» ... "، فمن أحب أن يقرأ هذه المقالة فليقرأها في الكتاب المذكور، وفيها -كما يبدو- خلاصة المحاضرة وأهم ما فيها من أفكار (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>