مقياس، وأحسب أنها لا تزال موجودة عندي في الشام ... ويقول أهل الخبرة إنها صورة فنية.
لا أذكر من تلاميذي في هذه المدرسة أحداً لقِصَر مدتي فيها، فما أقمتُ في دير الزور إلا أشهراً معدودة، إلا أنني كنت مرة أسجّل في جدة حديثاً للإذاعة وكان وزير الإعلام يومئذ فيها، وكان الوزير هو الشيخ جميل الحجيلان، فقابلته فرحّب بي وأكرمني وجعل يصفني بأنني أستاذه، فأخذت ذلك على أنه تواضع منه وتكرم وشكرته عليه. قال: لا، بل كنتَ أستاذنا حقيقة. قلت: أين ومتى؟ قال: في دير الزور سنة ١٩٤٠، ثم ذهب يقرأ عليّ بعض ما كنت أشرحه من قصائد ومقطوعات في درس الأدب العربي!
ولست أدري متى كان معالي الشيخ جميل في دير الزور ليكون طالباً في ثانويتها، ولكن الذي أدريه أن ذكر ذلك منه وهو وزير يدل على سمو في النفس وعلى كرم في الطبع.
وجاءت عطلة نصف السنة فقلت أقضيها في الشام (١)، فأعددت عدة السفر ووضعنا أمتعتنا في السيارة وهممنا بالمسير، ثم رأينا بأنه لم يبقَ لموعد الصلاة إلا قليل، وكان اليوم يوم الجمعة، فاقترحنا أن تقف السيارة بباب المسجد فنصلي ثم نمتطيها ونتوكل على الله. ووافق على ذلك الركاب جميعاً، فلما دخلت المسجد جاءني الشيخ حسين السراج رحمه الله فقال: إن
(١) أي في دمشق، فالشام -كما علمتم- عَلَم عليها عند السوريين، وعلى وسطها القديم عند الدمشقيين (مجاهد).